Evangelization and Colonialism in the Arab Countries: An Account of Missionary Efforts Aimed at Subjugating the East to Western Colonialism
التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي
Editorial
المكتبة العصرية-صيدا
Número de edición
الخامسة
Año de publicación
١٩٧٣
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
أراد (لافيجري) أن يلبس الإخوة المسيحيين القبعه فوق الشاشية.
ولقد اعتقد (لافيجري) أن أتباعه من المبشرين أو رواد الصحراء المسلحين كما كان يسميهم أيضًا، يستطيعون أن يتخللوا بين المسلمين تخللًا سلميًا. لقد أراد (لافيجري) أن يكتسب البدو في صحراء الجزائر ثم يقدمهم عطية إلى فرنسا ... ويأسف (لافيجري) كثيرًا لأن أمانيه لم تتحقق ... ثم كان (لافيجري) يعلن خجله من الأمة الفرنسية لأنه بقي (في منصب الأسقفية في الجزائر) نحو أربعين عامًا في العهود المختلفة، وبين ظهراني شعب مسلم، كان يخضع له، من غير أن يحاول تنصيره. ليس هذا فحسب، بل إنه منع كل محاولة كان بإمكان القسس الكاثوليك أن يقوموا بها في هذا السبيل تصلبًا منه وعنادًا (١).
وكان الفرنسيون - رجال الدولة الفرنسية - يعدون التبشير بالمذهب الكاثوليكي، أو الدين الكاثوليكي (٢)، عملًا وطنيًا. يقول (رينه بوتيه) في كتابه " الكاردينال لافيجري" (٣): «إِنَّ العَمَلَ الذِي قَامَ بِهِ (لاَفِيجِرِي) بَدَأَ مَعَ عَمَلِهِ التَّبْشِيرِيِّ، بَدَأَ بِنَشْرِهِ عَلَى السُّورِيِّينَ تِلْكَ العَطَايَا التِي تَمْنَحُهَا الكَنِيسَةُ الكَاثُولِيكِيَّةُ، إِنَّهُ جَعَلَ فِرَنْسَا مَحْبُوبَةً (لَدَى السُّورِيِّينَ) وَأَضَافَ إِلَى الحُقُوقِ القَدِيمَةِ التِي كُنَّا نَمْلِكُهَا (نَحْنُ الفِرَنْسِيِّينَ) عَلَى تِلْكَ المِنْطَقَةِ حُقُوقًا جَدِيدَةً .. وَلَكِنْ فِي الجَزَائِرِ اِسْتَطَاعَ أَنْ يَهَبَ كُلَّ مَا فِي اِسْتِطاعَتِهِ لإِظْهَارِ حُبِّهِ لِفِرَنْسَا. وَهَذَا لاَ يَبْدُو فِي المَنَاصِبِ السَّامِيَةِ التِي اِحْتَلَّهَا فَقَطْ، بَلْ فِي تَرْكِهِ وَطَنَهُ (لِلْسُكْنَى فِي الجَزَائِرِ) إِذْ لَيْسَ ثَمَّتَ وَسِيلَةُ أَحَسَنَ مِنَ الحِرْمَانِ مِنْ نِعْمَةِ الوَطَنِ حَتَّى يَسْتَطِيعَ الإِنْسَانُ أَنْ يُدْرِكَ مَا لِهَذِهِ الكَلِمَةِ " فِرَنْسَا " فِي نَفْسِهَا مِنَ الجَمَالِ وَالنُّبْلِ وَالعَظَمَةِ. وَعَلَى أَرْضِ الجَزَائِرِ، مَدِينَةَ الجَزَائِرِ، كَانَتْ القُلُوبُ تَخْفَقُ لِرُؤْيَةِ العَلَمَ المُثَلَّثِ الأَلْوَانِ خَفَقَانًا شَدِيدًا كَانَ يُثِيرُهُ ذَلِكَ العَلَمَ المُتَمَوِّجُ فَوْقَ أَحَدِ الأَبْرَاجِ وَالمُشْرِفِ عَلَى أَرَضٍ أَجَنَبِيَّةٍ. تِلْكَ هِيَ فِرَنْسَا، التِي لَمْ يُحِبَّ (لاَفِيجِرِي) أَنْ يَرَاهَا عَظِيمَةً وَجَمِيلَةً فَقَطْ، بَلْ كَانَ يَوَدُّ أَنْ يَرَاهَا أَيْضًا أَشَدَّ قُوَّةً وَأَكْثَرَ سُكَّانًا ... أَرَادَ (لاَفِيجِرِي) " أَنْ يُحَبِّبَ فِرَنْسَا إِلَى النَّاسِ بِاسْمِ المَسِيحِ ". هَذِهِ الجُمْلَةُ يُمْكِنُ أَنْ تَوجِزَ جَمِيعَ سِياسَةَ (لاَفِيجِرِي) الذِي كَانَ رَئِيسَ أَسَاقِفَةٍ، ثَمَّ أَصْبَحَ كَارْدِينَالًا ثَمَّ صَاحِبَ الوِلاَيَةِ عَلَى جَمِيعِ أَسَاقِفَةِ أَفْرِيقْيَا. وَفِي الوَاقِعِ إِنَّهُ لَمْ يَشَأْ أَنْ يَجْعَلَ مِنَ الوَطَنِيِّينَ مِنْ أَهْلِ أَفْرِيقْيَا رَعَايَا لَهُ وَلاَ مُوَاطِنِينَ. لَقَدْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ مِنْهُمْ أَوْلاَدًا لَهُ. فَبِحُبِّهِ لِلْمَسِيحِ وَبِالحُبِّ الذِي يُكِنُّهُ لِفِرَنْسَا أَرَادَ أَنْ يَتَبَنَّاهُمْ».
(١) Pottier. Card. Lavigerie ١٩٤ - ١٩٨
(٢) cf. Larousse، Sous catholicisme
(٣) Pottier. ١٧٧ - ١٧٨
1 / 126