Etiquette of Fasting: Rules and Issues
إتحاف الأنام بأحكام ومسائل الصيام
Editorial
مكتبة العلوم السلفية
Número de edición
الخامسة
Año de publicación
١٤٤٢ هـ - ٢٠٢١ م
Ubicación del editor
إب
Géneros
إِتْحَافُ الأَنَامِ
بِأَحكَامِ وَمَسَائِلِ الصِّيامِ
(ومعه مسائل صدقة الفطر وأحكام العيدين)
تأليف
فضيلة الشيخ الفقيه
أبي عبد الله محمد بن علي بن حزام الفضلي البعداني
(غفر الله له ورحمه)
طبعة جديدة منقحة ومزيدة
دار الحديث السلفية بإب
1 / 1
بسم الله الرحمن الرحيم
المُقَدِّمَةُ
الحمد لله الذي كتب على عباده الصيام، وشرع لهم الاعتكاف والقيام، وجعل ذلك سببًا لتحقيق التقوى من الأنام.
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، نحمده عدد خلقه ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته. الحمد لله ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شاء من شاء ربنا من شيء بعد.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:
فمن فضل الله المنان الكريم علينا أن أكرمنا ومنَّ علينا بتأليف هذا الكتاب الذي بين أيدينا "إتحاف الأنام بأحكام ومسائل الصيام".
فقد وفقنا ربنا جل وعلا لجمع هذه المسائل والأحكام التي تتعلق بركن من أركان الإسلام وهو صوم رمضان، فانتفعنا بذلك، ونرجو أن ينتفع بذلك سائر المسلمين.
وقد اجتهدت في ترتيب الأحكام والمسائل ترتيبًا متناسبًا، (^١) ولم أتقيد بترتيب
_________
(^١) وقد جعلت الكتاب على طريقة الفقهاء لمعرفة الخلاف واستيعاب فروع المسائل التي يحتاجها المسلمون، ونحن عازمون إن شاء الله أن نذكر أحكام الصيام على طريقة المحدثين في (التبويب) في ضمن كتاب كبير اسمه "الجامع الصحيح في الفقه الشرعي"، نسأل الله ﷿ أن يمنّ علينا بتأليفه، وأن يعيننا على ذلك، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، إنه سميع قريب.
1 / 2
أحد قبلي، وأرجو أن أكون قد وُفِّقْتُ في ذلك، وبالله التوفيق.
فأحمد الله الحي القيوم، الذي لا إله غيره، ولا رب سواه، وهو الرحمن الرحيم، الكريم المنان الوهاب؛ فهو جل وعلا الذي أنعم علينا بذلك، ولا حول لنا في ذلك ولا قوة إلا به ﷾.
فأسأل الله جل وعلا الذي لا إله إلا هو الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، أن يبارك لي في هذا الكتاب، وأن يخلد نفعه إلى يوم الحساب، وأن يجزل لي به الأجر والثواب، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم؛ فهو الرحيم التواب.
وأسأل الله ﷿ أن يغفر لي ولوالدي ولمشايخي أجمعين، وأخص منهم من أرى له علي حقًّا عظيمًا، وهما فضيلة الشيخ الإمام مقبل بن هادي الوادعي ﵀ والشيخ الجليل النبيل سَرُور بن أحمد الوادعي غفر الله له، وأحسن إليه وأكرمه في الدنيا والآخرة.
اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه/ أبو عبد الله محمد بن علي بن حزام الفضلي البعداني
يوم السبت الموافق ٢٣/صفر/١٤٤٢ هـ
دار الحديث السلفية بإب.
1 / 3
بسم الله الرحمن الرحيم
مسائل تتعلق بمقدمات عن الصوم ورؤية الهلال
مسألة: تعريف الصوم:
لغة: الإمساك، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا﴾ [مريم:٢٧].
ومنه قول النابغة:
خَيْلٌ صيام وخيل غير صائمة ... تحت العَجَاج وأخرى تَعْلُكُ اللُّجُما
أي: خيل ممسكة عن الجري، وخيل غير ممسكة.
وشرعًا: قال النووي ﵀ في "المجموع" (٦/ ٢٤٧): إمساك مخصوص عن شيء مخصوص في زمن مخصوص من شخص مخصوص. اهـ
وتبعه الحافظ على هذا التعريف في "الفتح" (١٨٩١)، إلا أنه قال: بشرائط مخصوصة. بدل قوله: من شخص مخصوص.
وقال أبو عبد الله القرطبي ﵀: هو الإمساك عن المفطرات مع اقتران النية به من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. اهـ من "تفسيره" لسورة البقرة [آية: ١٨٣].
1 / 4
مسألة: أَسْمَاءُ أُخْرَى لِلصَّوْمِ:
وقد سُمِّي الصيامُ "صبرًا"، ومنه قوله ﷺ: «صَومُ شَهْرِ الصَّبْرِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ تَعْدِلُ صَومَ الدَّهْرِ». (^١)
كذا ذكر شيخ الإسلام، والذي يظهر أن الصبر تسمية للشهر لا للصوم؛ لوجود الصبر فيه، والله أعلم.
وَسُمِّي أيضًا (سياحة)، ومنه قوله تعالى: ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ السَّاجِدُونَ﴾ [براءة:١١٢]، الآية من سورة براءة.
وقوله تعالى: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا﴾ [التحريم].
انظر: "التمهيد" (٧/ ٣٠٧)، "كتاب الصيام" من "شرح العمدة" لشيخ الإسلام (١/ ٢٤).
مسألة: أَنْوَاعُ الصَّوْمِ:
قال شيخ الإسلام ﵀ في "كتاب الصيام" من "شرح العمدة" (١/ ٢٦): الصوم خمسة أنواع: الصوم المفروض بالشرع وهو صوم شهر رمضان أداءً وقضاءً، والصوم الواجب في الكفارات، والواجب بالنذر، وصوم التطوع. اهـ
_________
(^١) أخرجه أحمد (٢/ ٢٦٣)، والنسائي في "الكبرى" (٢٧١٦)، من حديث أبي هريرة ﵁ بإسناد صحيح.
1 / 5
مسألة: صوم رمضان:
صيام رمضان فرض على كل مسلمٍ، بالغٍ، عاقلٍ، مقيم، قادرٍ على الصوم، وقد دلَّ على ذلك الكتابُ، والسنةُ، والإجماعُ.
أما من الكتاب: فقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة:١٨٥].
وأما من السنة: فقوله ﷺ في حديث ابن عمر ﵄، في "الصحيحين": «بني الإسلام على خمس»، وذكر منها: «وصيام رمضان».
وفي "الصحيحين" من حديث طلحة بن عبيد الله ﵁، أن رجلًا جاء يسأل النبي ﷺ عن الإسلام ...، فذكر الحديث، وفيه: «وصيام رمضان»، فقال الرجل: هل عليَّ غيره؟ فقال النبي ﷺ: «لا، إلَّا أن تطوع».
وفي السنة أحاديث كثيرة تدل على ذلك.
وأما الإجماع: فقد أجمعت الأمة إجماعًا ظاهرًا على وجوب صيام شهر رمضان، وعلى أن منأنكر وجوبه كفر.
1 / 6
انظر: "المغني" (٣/ ٨٥)، "المجموع" (٦/ ٢٤٨)، "كتاب الصيام" (١/ ٢٦ - ٢٩)، تفسير القرطبي سورة البقرة آية [١٨٣]، "توضيح الأحكام" (٣/ ١٢٩).
مسألة: متى فرض شهر رمضان؟
قال الإمام النووي ﵀ في "شرح المهذب" (٦/ ٢٥٠): صام رسول الله ﷺ رمضان تسع سنين؛ لأنه فرض في شهر شعبان في السنة الثانية من الهجرة وتوفي النبي ﷺ في شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة. اهـ
قال الشيخ عبد الله البسام -وفقه الله في "توضيح الأحكام" (٣/ ١٢٩): وفُرِضَ صوم رمضان في شعبان في السنة الثانية من الهجرة فصام رسول الله ﷺ تسعة رمضانات إجماعًا. اهـ
وقد نقل الإجماع المرداوي ﵀ في "الإنصاف"، في أول كتاب الصوم، والبهوتي في "الروض المربع" (١/ ١٥٧)، وابن مفلح في "المبدع" (٢/ ٤٠٥).
مسألة: أحوال فرضية الصيام:
أُمِرَ المسلمون أولًا بصيام يوم عاشوراء كما في "الصحيحين" (^١) من حديث عائشة، وابن عمر ﵄، ثم فرض الله شهر رمضان، فصار صيام يوم عاشوراء مستحبًّا، وعند أن فرض شهر رمضان كان الناس مخيرين بين الصيام والإطعام كما قال الله تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:١٨٤]، ثم نسخ
_________
(^١) أخرجه البخاري برقم (١٨٩٣) (١٨٩٢)، ومسلم برقم (١١٢٥) (١١٢٦).
1 / 7
الله ذلك فأوجب الصيام بقوله: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة:١٨٥].
والدليل على ذلك حديث سلمة بن الأكوع ﵁، في "الصحيحين" (^١) قال: لَمَّا نزلت هذه الآية: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ كان من أراد أن يفطر يفتدي، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها.
وفي رواية لمسلم: كنا في رمضان على عهد رسول الله ﷺ من شاء صام ومن شاء أفطر، فافتدى بطعام مسكين حتى نزلت هذه الآية: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾.
فائدة:
كان في أول الإسلام يحرم على الصائم الأكل، والشرب، والجماع من حين ينام أو يصلي العشاء الآخرة، فأيهما وجد أولًا حصل به التحريم، ثم نسخ ذلك وأبيح له إلى طلوع الفجر، سواءٌ نام أم لا.
ويدل علىه حديث البراء بن عازب ﵄ عند البخاري برقم (١٩١٥)، قال: كان أصحاب محمد ﷺ إذا كان الرجل صائمًا، فحضر الإفطار، فنام قبل أن يفطر، لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يُمْسِي، وإن قيس بن صِرمة الأنصاري ﵁ كان صائمًا، فلما حضر الإفطار أتى امرأته، فقال لها: أعندك طعام؟ قالت: لا، ولكن أنطلقُ فأطلبُ لك. وكان يومه يعمل، فغلبته عيناه فجاءته امرأته، فلما رأته قالت: خيبة لك! فلما انتصف النهار غشي عليه، فذكر ذلك للنبي ﷺ؛ فنزلت هذهالآية:
_________
(^١) أخرجه البخاري برقم (٤٥٠٧)، ومسلم برقم (١١٤٥).
1 / 8
﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ [البقرة:١٨٧]، ففرحوا بها فرحًا شديدًا، ونزلت ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ﴾ [البقرة:١٨٧].
فهذا الحديث يدل على أن ذلك كان محرَّمًا عقب النوم، وأما تحريمه عقب صلاة العشاء، فقد ثبت ذلك من حديث أبي هريرة ﵁، بإسنادٍ صحيح. أخرجه ابن جرير كما في "الدر المنثور"، وكما في "تفسير ابن كثير" [آية:١٨٧] من سورة البقرة.
وأخرجه أبو داود (٢٣١٣)، من حديث ابن عباس ﵄، وفي إسناده: علي بن حسين بن واقد، وفيه ضعفٌ، وله طريق أخرى عند ابن جرير (٢/ ٩٦) من طريق: عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس ﵄، به، وهذا السند ضعيفٌ؛ لضعف عبد الله بن صالح؛ ولانقطاعه بين علي بن أبي طلحة، وابن عباس، وهو يزيد الحديث قوَّةً.
انظر: "الفتح" (١٩١٥)، "شرح المهذب" (٦/ ٢٥١).
مسألة: سبب تسمية رمضان بهذا الاسم؟
قيل: لأنه يَرْمَض الذنوب، أي: يحرقها، أو يهلكها.
وقيل: لارْتِمَاض الناس فيه من حر الجوع، ومقاساة الشدة.
وقيل: لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي وقعت فيها، فوافق هذا الشهر أيام رَمَضِ الحر؛ فَسُمِّيَ بذلك.
انظر: "الفتح" (١٩٠٠)، "كتاب الصيام" (١/ ٣٥)، "توضيح الأحكام" (٣/ ١٣١).
1 / 9
مسألة: هل يقال: رمضان، أم شهر رمضان؟
ذهب الجمهور من أهل العلم إلى جواز إطلاق رمضان دون التقييد بـ (شهر).
واستدلوا:
بقوله ﷺ: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه». (^١)
وقوله ﷺ: «من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر». (^٢)
وقوله ﷺ: «إذا جاء رمضان فتحت أبو اب الجنة، وأغلقت أبو اب النار، وَصُفِّدَت الشياطين». (^٣)
والأحاديث في هذا الباب كثيرة جدًّا.
وقد بَوَّبَ الإمام البخاري ﵀ على الجواز في "صحيحه"، وكذا النسائي، ورجحه النووي وغيره من أهل العلم.
وقد نُقِل عن أصحاب مالك الكراهية، وكذا عن ابن الباقلَّاني وأكثر الشافعية، إلا أن هؤلاء قيدوا الكراهة بما إذا لم يكن هناك قرينة تصرفه إلى الشهر، أما إذا وجدت قرينة فلا يكره عندهم.
وعمدتهم في ذلك: حديث أبي هريرة ﵁ مرفوعًا: «لا تقولوا: جاء
_________
(^١) أخرجه البخاري (١٩٠١)، ومسلم (٧٦٠)، من حديث أبي هريرة ﵁.
(^٢) أخرجه مسلم (١١٦٤)، من حديث أبي أيوب ﵁.
(^٣) أخرجه البخاري (١٨٩٨)، ومسلم (١٠٧٩)، من حديث أبي هريرة ﵁.
1 / 10
رمضان؛ فإن رمضان اسم الله، ولكن قولوا: جاء شهر رمضان».
أخرجه ابن عدي في "الكامل" (٧/ ٥٣)، وضعفه بأبي مَعْشَر نَجِيْح بن عبدالرحمن، قال البيهقي: وقد روي عن أبي معشر عن محمد بن كعب، وهو أشبه.
والراجح القول الأول.
انظر: "الفتح" (١٨٩٨)، "شرح المهذب" (٦/ ٢٤٨)، "سبل السلام" (٤/ ١٠٤).
مسألة: متى يجب صيام شهر رمضان؟
ويجب صوم رمضان برؤية هلاله أو إكمال عدة شعبان ثلاثين يومًا؛ لما جاء في "الصحيحين" (^١) من حديث ابن عمر ﵄، أن النبي ﷺ قال: «إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُمَّ عليكم فَاقْدُرُوا له»، وفي رواية لمسلم: «فاقدروا له ثلاثين»، وفي "الصحيحين" (^٢) عن أبي هريرة ﵁ نحوه.
وأخرج أبو داود (٢٣٢٥)، بإسناد صحيح عن عائشة ﵂، أن النبي ﷺ كان يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره، ثم يصوم لرؤية رمضان فإذا غُمَّ عليه عدَّ ثلاثين يومًا ثم صام. انظر: "المجموع" (٦/ ٢٦٩ - ٢٧٠).
مسألة: معرفة دخول الشهر بطريقة الحساب:
تقدم في الأحاديث أن النبي ﷺ علق الصوم بالرؤية، وفي ذلك إبطالٌ لطريقة
_________
(^١) أخرجه البخاري برقم (١٩٠٠)، ومسلم برقم (١٠٨٠).
(^٢) أخرجه البخاري برقم (١٩٠٩)، ومسلم برقم (١٠٨١).
1 / 11
أهل الحساب.
قال ابن دقيق العيد ﵀: الذي أقول: إن الحساب لا يجوز أن يُعْتمد عليه في الصوم؛ لمقارنة القمر للشمس على ما يراه المنجمون؛ فإنهم قد يقدمون الشهر بالحساب على الرؤية بيوم أو يومين وفي اعتبار ذلك إِحْداث شرع لم يأذن به الله. انتهى المراد من "شرحه للعمدة" (٢/ ٢٠٦).
قال ابن بطال ﵀ كما في "السبل" (٤/ ١١٠): في الحديث دفع لمراعاة المنجمين، وإنما المُعَوَّل عليه رؤية الهلال، وقد نُهِينا عن التَّكلف.
وقال ابن بزيزة ﵀ كما في "السبل" (٤/ ١١٠): هو مذهب باطل، وقد نهت الشريعة عن الخوض في علم النجوم؛ لأنها حَدْس وتخمين ليس فيها قطع.
ثم قال الصنعاني ﵀: والجواب الواضح عليهم ما أخرجه البخاري عن ابن عمر ﵄، أنه ﷺ قال: «إنَّا أمة أُمِّيَّة؛ لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا»، وعقد في الثالثة أصبعًا، «والشهر هكذا وهكذا وهكذا» يعني تمام الثلاثين.
قلتُ: وقد أخرج الحديثَ مسلمٌ أيضًا. (^١)
وقال صديق بن حسن ﵀ في "الروضة الندية" (١/ ٢٢٤): والتوقيت في الأيام والشهور بالحساب للمنازل القمرية بدعة باتفاق الأمة. اهـ
وَسُئِلت اللجنة الدائمة عن هذه المسألة رقم (٣٨٦)، فأجابت بجوابٍ فيه:
_________
(^١) البخاري برقم (١٩١٣)، ومسلم برقم (١٠٨٠) (١٥).
1 / 12
فالرجوع في إثبات الشهور القمرية إلى علم النجوم في بدء العبادات والخروج منها دون الرؤية من البدع التي لا خير فيها ولا مستند لها من الشريعة. اهـ
وقد ذهب إلى القول بحساب المنازل: مُطَرِّف بن عبد الله من التابعين، وابن قتيبة.
قال ابن عبد البر ﵀: لا يصح عن مطرف، وأما ابن قتيبة فهو ممن لا يُعرَّج عليه في مثل هذا. اهـ
انظر: "التمهيد" (٧/ ١٥٦)، "الفتح" (١٩١١)، "سبل السلام" (٤/ ١١٠)، "مجموع الفتاوى" (٢٥/ ١٣٢ - ١٣٣).
مسألة: استعمال المنظار المقرب للرؤية:
قال الإمام ابن عثيمين ﵀: وأما استعمال ما يسمى بـ (الدربيل) وهو المنظار المقرب في رؤية الهلال فلا بأس به، ولكن ليس بواجب؛ لأن الظاهر من السنة أنَّ الاعتماد على الرؤية المعتادة لا على غيرها، ولكن لو اسْتُعْمِل فرآه من يُوثَق به فإنه يُعمَل بهذه الرؤية، وقد كان الناس قديمًا يستعملون ذلك لما كانوا يصعدون المنائر في ليلة الثلاثين من شعبان، أو ليلة الثلاثين من رمضان فيتراءونه بواسطة هذا المنظار، على كل حال متى ثبتت رؤيته بأي وسيلة؛ فإنه يجب العمل بمقتضى هذه الرؤية؛ لعموم قوله ﷺ: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا» (^١). اهـ
انظر: "فتاوى رمضان" (١/ ٦٢) جمع/ أشرف، "فتاوى العثيمين" (١٩/ ٣٧).
_________
(^١) أخرجه البخاري برقم (١٩٠٠)، ومسلم برقم (١٠٨٠) عن ابن عمر ﵄.
1 / 13
مسألة: إذا رأى الهلال أهل بلدة فهل يلزم بقية البلاد الصوم؟
اختلف في هذه المسألة اختلافًا كثيرًا حتى تفرقوا في ذلك إلى ما يقارب ثمانية أقوال كما ذكر ذلك صديق بن حسن في "الروضة الندية" (١/ ٢٢٤).
وقد ألَّف الإمام الشوكاني ﵀ في هذه المسألة رسالة سماها "إْطَلاع أرباب الكمال على ما في رسالة الجلال في الهلال من الاختلال".
وأقوى هذه المذاهب ثلاثة:
الأول: أنه يلزم بقية البلدان الصوم.
وهو قول مالك، والشافعي، وأحمد، والليث، وغيرهم، وهو ترجيح جمع من المحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى"، والإمام الشوكاني وصديق بن حسن خان، والألباني، وابن باز رحمة الله عليهم أجمعين.
واستدلوا بقوله ﷺ: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته». (^١)
قال الشوكاني ﵀: وهذا لا يختص بأهل ناحية على جهة الانفراد، بل هو خطاب لكل من يصلح له من المسلمين، فالاستدلال به على لزوم رؤية أهل بلد لغيرهم من أهل البلاد أظهر من الاستدلال به على عدم اللزوم؛ لأنه إذا رآه أهل بلد فقد رآه المسلمون فيلزم غيرهم ما لزمهم. اهـ من "نيل الأوطار" (٤/ ١٩٤).
الثاني: أنه يلزم بقية البلدان التي توافق البلدة التي رأته في مطالع الهلال.
_________
(^١) أخرجه البخاري برقم (١٩٠٠)، ومسلم برقم (١٠٨٠) عن ابن عمر ﵄.
1 / 14
وهو مذهب الشافعية، وقول عن أحمد، واختاره ابن عبد البر في "التمهيد"، وشيخ الإسلام في "الاختيارات"، وهو ترجيح شيخنا مقبل بن هادي الوادعي، والشيخ ابن عثيمين، وغيرهما من أهل العلم رحمة الله عليهم أجمعين.
واستدلوا بما يلي:
١ - قوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة:١٨٥]، قالوا: والذين لا يوافقون من شاهده في المطالع لا يقال: إنهم شاهدوه لا حقيقة ولا حكمًا، والله تعالى: أوجب الصوم على من شاهده.
٢ - قوله ﷺ: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته»، فعلق الصوم بالرؤية ومن يخالف من رآه في المطالع لا يقال: إنه رآه لا حقيقة ولا حكمًا.
٣ - حديث ابن عباس ﵄، في "صحيح مسلم" برقم (١٠٨٧)، أنه سأل كُرَيبًا متى رأى الهلال - وكان بالشام- فقال: رأيناه ليلة الجمعة، فقال ابن عباس: لكنا رأيناه ليلة السبت؛ فلا نزال نصوم حتى نرى الهلال، أو نكمل العدة. فقال كريب: أفلا تكتفي برؤية معاوية؟ قال: لا، هكذا أمرنا رسول الله ﷺ.
الثالث: أنه لا يلزم أهل بلد رؤية غيرهم إلا أن يثبت ذلك عند الإمام الأعظم فيلزم الناس كلهم؛ لأن البلاد في حقه كالبلد الواحد؛ إذ حكمه نافذ في الجميع، وهو قول ابن المَاجشون.
وقال الإمام ابن عثيمين ﵀: وعمل الناس اليوم على هذا، وهو من الناحية الاجتماعية قول قوي.
1 / 15
والقولان الأولان قويان، إلا أنَّ الذي يظهر والله أعلم أن الأول أقوى؛ لعموم الدليل الذي استدلوا به، والشرع عام، ولو كان الحكم على غير ذلك لَبَيَّنَه.
وقد ردوا على القول الثاني بما يلي:
١ - إن اختلاف المطالع أمرٌ لا ينضبط بحد محدود، فما هو الضابط الذي يفصل بين كل مطلع وآخر.
٢ - قال الإمام الألباني ﵀ في "تمام المنة": والمطالع أمور نسبية ليس لها حدود مادية يمكن للناس أن يتبينوها. اهـ
قال شيخ الإسلام ﵀: كما في "مجموع الفتاوى": إذا اعتبرنا حدًّا كمسافة القصر أو الأقاليم، فكان رجل في آخر المسافة والإقليم؛ فعليه أن يصوم ويفطر وينسك، وآخر بينه وبينه غَلْوَة سهم لا يفعل شيئًا من ذلك، وهذا ليس من دين المسلمين. اهـ المراد
٣ - المقصود بالآية والحديث الذي استدل بهما أصحاب القول الثاني هو العلم بحلول شهر رمضان، وقد حصل ذلك برؤية أهل بلد معين، وكما أنه يلزم أهل البلد الواحد الصوم برؤية بعض أفرادهم، فكذلك يلزم أهل البلدان الأخرى الصوم برؤية أهل هذا البلد.
٤ - استدلالهم بحديث ابن عباس ﵄، أجيب عنه بأجوبة:
الأول: أن ابن عباس ﵄ لم يصرح بأن النبي ﷺ أمرهم بأن لا يعملوا برؤية غيرهم من أهل الأقطار، بل أراد ابن عباس أنه أمرهم بإكمال الثلاثين أو
1 / 16
يروه كما في الأحاديث الأُخَر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: في "كتاب الصيام" (١/ ١٧٤): ويجوز أن يكون ذلك؛ لأن النبي ﷺ أمرهم أن يصوموا لرؤيته ويفطروا لرؤيته، ولا يفطروا حتى يروه أو يكملوا العدة كما قد رواه ابن عباس وغيره مفسرًا فاعتقد ابن عباس أن أهل كل بلد يصومون حتى يروه أو يكملوا العدة وقد تقدم عنه ﷺ ما يبين أنه قصد رؤية بعض الأمة في الجملة؛ لأن الخطاب لهم، وهذا عمل برؤية قوم في غير مِصْرِه. اهـ
وقد أجاب بهذا الجواب أيضًا ابن دقيق العيد، والشوكاني في "النيل"، وصديق بن حسن في "الروضة الندية".
الثاني: قال الإمام الألباني ﵀ في "تمام المنة": إنَّ حديث ابن عباس ورد في من صام على رؤية بلده ثم بلغه في أثناء رمضان أنهم رأوا الهلال في بلد آخر قبله بيوم، ففي هذه الحالة يستمر في الصيام مع أهل بلده حتى يكملوا العدة أو يروا الهلال. اهـ
وقد سبق شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ إلى الإشارة إلى مثل هذا الجواب كما في "مجموع الفتاوى" (٢٥/ ١٠٩).
الثالث: أن هذه شهادة من كُرْيب وهو واحد، وقد أمرهم النبي ﷺ أن يفطروا بشهادة اثنين، ولو عملوا بخبره؛ لأفطروا بشهادة واحد، كذا أجاب شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ في "شرح العمدة".
وأشار إلى هذا الجواب الإمام النووي ﵀ في "شرح مسلم"، والله أعلم.
قلتُ: ويبين أن الحديث ليس فيه وجه لما استدلوا به أن مطلع الشام والمدينة النبوية لا يختلف، بل هو مطلع واحد، والله أعلم.
1 / 17
قلتُ: لكن قال شيخ الإسلام ﵀ كما في مجموع الفتاوى (٢٥/ ١٠٣): حكى ابن عبد البر الإجماع على أن الاختلاف فيما يمكن اتفاق المطالع فيه، فأما ما كان مثل الأندلس وخراسان؛ فلا خلاف أنه لا يعتبر.
وعلى هذا فرؤية أهل المغرب لا تعتبر على أهل المشرق، إلا مع اتحاد المطلع، ولكن يظهر أن رؤية أهل المشرق تعتبر على أهل المغرب وإن اختلفت المطالع؛ لأن مطلعهم بعدهم؛ فإذا رأى الهلال أهل المشرق كانت رؤيتهم معتبرة على كل من كان بعدهم في المطلع، وإن تباعدوا، والله أعلم.
انظر: "المجموع" (٦/ ٢٧٣ - ٢٧٤)، "المغني" (٣/ ٥)، "كتاب الصيام" من "شرح العمدة" (١/ ١٧٠ - ١٧٥)، "المُفْهم" (٣/ ١٤٢)، "الفتح" (١٩١١)، "شرح مسلم" (٧/ ١٩٧)، "نيل الأوطار" (٤/ ١٩٤)، "مجموع الفتاوى" (٢٥/ ١٠٣)، "الروضة الندية" (١/ ٢٢٤ - ٢٢٥)، "تمام المنة" (ص ٣٩٨)، "الشرح الممتع" (٦/ ٣٢٠ - ٣٢٣)، "توضيح الأحكام" (٣/ ١٤٠).
مسألة: رؤية الهلال بالنهار:
أما إذا كانت الرؤية بعد الزوال، فقد نقل ابن حزم الإجماع على أنه لا يجب الصوم إلا من الغد.
وأما قبل الزوال، ففيه مذاهب:
الأول: أنه لِلَّيلة الماضية، وهو قول الثوري، وأبي يوسف، وسلمان بن ربيعة،
1 / 18
وابن حبيب الأندلسي، ورواية عن عمر بن عبدالعزيز، ورواية عن أحمد، وهو ترجيح ابن حزم.
قالوا: فإن كانت الرؤية في أول الشهر أمسكوا وقضوا، وإن كانت آخر الشهر أفطروا وعيدوا؛ لأن وقت العيد باقٍ [إلا أن ابن حزم لم يذكر القضاء].
وقد استدلوا على ذلك بما رواه عبدالرزاق (٤/ ١٦٣)، وابن أبي شيبة (٣/ ٦٦)، والبيهقي في "الكبرى" (٤/ ٢١٣) من طريق إبراهيم النَّخعي، أن عمر بن الخطاب ﵁ كتب إلى عتبة بن فَرْقَد: إذا رأيتم الهلال في آخر النهار فأتموا صومكم؛ فإنه لليلة المقبلة، وإذا رأيتموه في أول النهار فأفطروا؛ فإنه لليلة الماضية. يعني هلال شوال.
الثاني: كالمذهب الأول إلا أن الهلال في آخر الشهر للمقبلة احتياطًا للصوم، وهو رواية عن أحمد نقلها الأثرم والميموني.
الثالث: أنه لليلة المقبلة، وهو رواية عن أحمد اختارها الخرقي، وهو مذهب مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وإسحاق، والليث، والأوزاعي، ومحمد بن الحسن، ورواية عن عمر بن عبدالعزيز، ورجحه ابن عبدالبر، ونقله عن أكثر العلماء ورجح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀، ثم الإمام ابن عثيمين ﵀.
واستدلوا على ذلك بما أخرجه عبدالرزاق (٤/ ١٦٢ - ١٦٣)، وابن أبي شيبة (٣/ ٦٧)، والدارقطني (٢/ ١٦٨ - ١٦٩)، والبيهقي (٤/ ٢١٣) بأسانيد صحيحة عن أبي وائل، قال: جاءنا كتاب عمر بن الخطاب، ونحن بِخَانِقِين أن الأَهِلَّة بعضها
1 / 19
أكبر من بعض، فإذا رأيتم الهلال؛ فلا تفطروا حتى تمسوا، إلا أن يشهد رجلان مسلمان أنهما أهَلَّاه بالأمس عشيًّا.
وقد ثبت ذلك عن عثمان ﵁، كما في مصنف ابن أبي شيبة (٣/ ٦٥)
وجاء ذلك أيضًا عن ابن مسعود ﵁، أخرجه ابن أبي شيبة (٣/ ٦٦) من طريق: القاسم بن عبدالرحمن عنه، أنه قال: إذا رأيتم الهلال نهارًا فلا تفطروا؛ فإن مجراه في السماء، لعله أن يكون قد أهل ساعتئذٍ.
وإسناده ضعيف بسبب انقطاعه بين القاسم، وعبد الله.
وقد جاء عن ابن عمر ﵄، القول بذلك، أخرجه عبدالرزاق (٤/ ١٦٦) بإسناد صحيح عنه، وجاء ذلك أيضًا عن أنس بن مالك ﵁، أخرجه ابن أبي شيبة (٣/ ٦٥) بإسناد صحيح عنه.
قالوا: والتفريق بين رؤيته قبل الزوال وبعد الزوال لا يستند إلى كتاب ولا سنة.
وهذا القول هو الراجح؛ للاحتمال الذي ذُكِر في أثر ابن مسعود المتقدم.
وأما أثر عمر المتقدم الذي استدل به أهل القول الأول فهو منقطع؛ لأن إبراهيم النَّخعي لم يدرك عمر ﵁.
قال البيهقي ﵀: هكذا رواه إبراهيم النخعي منقطعًا، وحديث أبي وائل أصَحُّ.
انظر: "كتاب الصيام" من "شرح العمدة" (١/ ١٦١ - ١٧٠)، "التمهيد" (٧/ ١٧٧ - ١٧٨)، "الفتح" (١٩١١)، "الروضة الندية" (١/ ٢٢٤)، "المجموع" (٦/ ٢٧٢ - ٢٧٣)، "المحلى" (٦/ ٢٣٩) رقم (٧٥٨)، "الشرح الممتع" (٦/ ٣١٩)، "السنن الكبرى" (٤/ ٢١٣).
1 / 20