Establishing the Evidence of the Superiority of 'Irwaa al-Ghaleel'
إقامة الدليل على علو رتبة إرواء الغليل
Editorial
مكتبة ابن عباس للنشر والتوزيع
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
Ubicación del editor
مصر
Géneros
إقَامَةُ الدَّليل
عَلى عُلو رتبَة إرْوَاءِ الغَليل وَالرَّد عَلى مُستَدَرك التعليل
لأبي عَبد اللهِ أَحمد بن إبراهيم أَبي العَينين
مكتبة ابن عباس
Página desconocida
حقوق الطبع محفوظة
الطبعه الأولى ١٤٣٢ هـ - الموافق ٢٠١١ م
مكتبة ابن عباس
للنشر والتوزيع
منية سمنود - ش الثورة - ت: ٦٤٩٣٢٥٠
فرع المنصورة - عزبة عقل - ت: ٩١٠٤٤٣٧
القاهرة - درب الأتراك - بجوار مكتبة العلوم والحكم
م: ٠١٠١٦٩٧٦٧٦
البريد الإلكتروني: ebn_abas@hotmail.com
مركز النعمان للبحوث والدراسات الإسلامية وتحقيق التراث والترجمة
المركز الرئيسي: اليمن - صنعاء
ت: ٠٠٩٦٧ - ٧٣٣٧٠٢٧٩٢
ت: ٧٣٣٧٠٢٧٩٢ - ٠٠٩٦٧
ص. ب: صنعاء (٤١٧٣)
البريد الإلكترني: shady_noaman@hotmail.com
1 / 2
المقدمة
الحمد لله وحده، وأشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ﷺ.
- وبعد،،
فإن أمة الإسلام تمر هذه الأيام بمرحلة حرجة في تاريخها، فقد تكالب عليها الأعداء من الداخل والخارج، وقد توحدت صفوفهم، وتكاتفت جهودهم، وتناسقت خططهم للنيل من الإسلام وأهله، ومن بين هؤلاء قوم ينتسبون إلى الإسلام من أصحاب المذاهب المنحرفة من أهل البدع والعقائد الفاسدة كالصوفية والشيعة وغيرهم، فهم يتربصون بأهل السنة لتشويه صورتهم، وخاصة بأئمتهم، فيتلقفون الطعون عليهم، ويزخرفونها، وينفخون فيها.
-خطورة التشكيك في علماء السنة:
ومن أعظم من تعرض لهذه الحملات الضارية إمام المحدثين في هذا العصر، وإمام أهل السنة بالشام، شيخنا العلامة محمد ناصر الدين الألباني ﵀، وذلك لما قام به من نصرة عقيدة السلف الصالح، ومذهب أهل الحديث في بلاد الغالب عليها عقائد فاسدة، ومذاهب كاسدة، وبدع وخرافات، مع ما قام به من خدمة لسنة رسول الله ﷺ، فلذلك كثرت السهام التي أطلقها أعداء السنة نحوه، وهذا مما يسوء كل مسلم غيورعلى السنة؛ لأن الطعن فيه ليس طعنًا في شخصه فحسب، والتشكيك فيه وفي علمه ليس تشكيكًا في شخصه فحسب، بل هما طعن وتشكيك في السنة التي ينشرها، ويدافع عنها.
قال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين ﵀ في "شرح رياض الصالحين" (١/ ٦٨٢): "إن الذين يلتقطون زلات العلماء، ليشيعوها ليسوا مسيئين للعلماء شخصيًّا فحسب؛ بل مسيئون للعلماء شخصيًّا، ومسيئون إلى علمهم الذي
1 / 3
يحملونه، ومسيئون إلى الشريعة التي تُتلقى من جهتهم، لأن العلماء إذا لم يثق الناس فيهم، وإذا اطَّلعوا على عوراتهم -التي قد لا تكون عورات إلا على حسب نظر هذا المغرض- فإنهم تقل ثقتهم بالعلماء وبما عندهم من العلم، فيكون في هذا جناية على الشرع الذي يحملونه من سنة الرسول ﷺ، لذلك من نصيحتك لأئمة المسلمين من أهل العلم أن تدافع عن عوراتهم، وأن تسترها ما استطعت، وأن لا تسكت".
-تحول الدكتور أحمد الخليل من مقلد للشيخ الألباني إلى ناقد له ومشكك فيه:
ولئن كان الهجوم على الشيخ الألباني ﵀ والتشكيك في علمه أمرًا خطيرًا من الأعداء والفرق المنحرفة، ويحتاج إلى دفع شرهم وبيان ظلمهم وغيهم، فأخطر منه أن يشكك في الشيخ ﵀ وفي علمه ومنهجه من ينتسب إلى السنة وإلى المنهج السلفي، وقد كثر هؤلاء هدانا الله وإياهم، والاحتياج إلى بيان زللهم وسوء صنيعهم آكد، وذلك لأنهم يشككون أبناء منهجهم بخلاف المخالفين في العقيدة والمنهج، فإن الشباب السلفي لا يلتفت إليهم في الغالب، ولذلك فقد آليت على نفسي أن أذب عن الشيخ ﵀ وغيره من أهل العلم مهما كلفني، وقد كان آخر من وقفت عليهم ممن يشككون في الشيخ ﵀ وفي علمه: الدكتور أحمد ابن محمد الخليل، وقد كان يقلد الشيخ في أحكامه على الأحاديث تصحيحًا وتضعيفًا وتعليلًا إلى عهد ليس بالبعيد، فقد كتب تعليقًا على كتاب بلوغ المرام هو وأخوه، وطبعته دار المسلم، وكان يعتمد فيه على أحكام الشيخ على الأحاديث، ثم أخفى هذا الكتاب، فلم يضعه على موقعه، ولم يشر إليه في ذكر مؤلفاته، وقد كلفت الأخ الفاضل محمد بن عبد الغني أن يبحث عن الكتاب على شبكة المعلومات، فلم يعثر عليه، فكتب للدكتور على موقعه يسأله عن تحقيقه لبلوغ المرام، فأنكره، فحدد له وصف الكتاب ودار النشر التي تولت طباعته، فلم يرد
1 / 4
عليه، وذلك لأنه تأثر بهؤلاء المُحَدِّثين الجدد الذين يزعمون أنهم على منهج المتقدمين، وذلك يحملهم على عدم تقدير ما قام به الأئمة ممن يصفونهم بالمتأخرين (١) من خدمة لحديث رسول الله ﷺ تصحيحًا وتضعيفًا، وفي مقدمتهم شيخنا إمام العصر: محمد ناصر الدين الألباني ﵀، فلما انتحل هذا المذهب الجديد ألَّف كتابًا سمَّاه: "مستدرك التعليل على إرواء الغليل" (٢)، بناه على التشكيك في صحة منهج الشيخ في الحكم على الأحاديث تصحيحًا وتضعيفًا.
-وضع الدكتور نفسه موضع المعلم المؤدب للشيخ الألباني ﵀:
لقد قال في مقدمة كتابه ص (١٠):
"لما كنت أقرأ في هذا الكتاب (يعني الإرواء) لفت انتباهي كثرة مخالفة أحكام الشيخ الألباني ﵀ لأحكام الأئمة المتقدمين، حتى صار ذلك يشكل ظاهرة في الكتاب، وإذا نظر الإنسان في الكتاب وجد أن هذا الاختلاف ناشئ عن اختلاف في المنهج" (٣).
وقد ملأ كتابه بالتطاول على الشيخ ﵀، فنزل نفسه منزلة المعلم المرشد الموجه للشيخ ﵀، فمن ذلك ما قاله ص (٢٣٧): نبهت مرارًا أن هذا الأسلوب
_________
(١) ولا أدري ما الحد الفاصل عند هؤلاء المحدثين الجدد بين المتقدمين والمتأخرين؟!، وما الدليل على هذا الحد إن صرحوا به؟!، وقد بينت خطأ هذا المسلك في كتابي "القول الحسن في كشف شبهات حول الاحتجاج بالحديث الحسن".
(٢) وقد رد عليه الشيخ عبد الله بن صالح العبيلان في كتاب سماه "رد الجميل في الذب عن إرواء الغليل"، وقد اعتنى فيه في الأغلب بالجانب الفقهي، فرأيت أن أتمم الفائدة بالرد عليه من الناحية الحديثية، وأسأل الله أن يكتب الأجر لي وللشيخ العبيلان، إنه جواد كريم.
(٣) وسيأتي بيان فساد دعواه تلك في مناقشه مقدمته بما لا حاجة لذكره هنا.
1 / 5
لا ينبغي مع الأئمة.
وفي ص (٣٠٧) قال عن حديث: اعتبره الشيخ ﵀ شاهدًا للمرفوع، وهو أمر غريب حقًّا؟
وفي ص (٤٢١) قال: كان ينبغي ألا يوصف كلام الإِمام أحمد بأنه لا وجه له.
- تطاول الدكتور الخليل واحتقاره لأئمة الحديث الذين يصفهم بالمتأخرين:
وقال في ص (١٦١): كان الواجب على الشيخ الألباني أن يبحث قبل أن يسارع في الرد على الترمذي، وإنما أطلت -نوعًا ما- في هذا التوضيح، لأنبه إلى خطأ بالغ يكثر من المتأخرين المشتغلين بالحديث، وهو المسارعة إلى نقد كلام الحفاظ المتقدمين بجرأة غير محمودة، وبانتقادات سطحية، ليس من الإنصاف نسبتها إلى المتقدمين، ولو تأمل الناقد، ودرس الإسناد على الوجه المطلوب لوجد أن كلام الحفاظ دليلًا [كذا] على حفظهم وتقدمهم. اهـ.
هكذا لم يكتف بوضع نفسه موضع المعلم المربي للشيخ الذي يعلمه كيف يخاطب أهل العلم حتى طال بغروره أئمة المسلمين العظام الذين يسمونهم بالمتأخرين، فوصفهم بالمسارعة إلى نقد كلام الحفاظ المتقدمين بجرأة غير محمودة، وبالسطحية، وعدم الإنصاف، فهل يرضى مسلم بذلك؟!، ومن المستفيد بهذا التطاول على أئمة المسلمين والحط من قدرهم إلى هذا الحدِّ؟!!.
-جرأة الخليل وتسرعه في الحكم بنكارة متون الأحاديث من قبل نفسه فقط!!!
ولم يقف الدكتور الخليل في جرأته على علماء الأمة، بل قد طالت جرأته حديث رسول الله ﷺ، فحكم على متون أحاديث بالنكارة، دون أن يُسبق إليها، وكأنه أحمد بن حنبل أو يحيى بن معين أو أبو حاتم الرازي، فقال ص (٣٧٠) في
1 / 6
حديث: "أَيسُرُّكِ أنْ يُسَوِّرَكِ اللهُ بِهِما بِسوَارينِ مِنْ نَارٍ": العلة الثالثة: نكارة المتن.
وقال ص (٣٧٣) في حديث عائشة: "أتُؤَدِّينَ زَكَاتَهُنَّ؟ ": العلهَ الثالثة: نكارة المتن ... إلى غير ذلك مما ستجده في هذا الكتاب.
-جرأة الخليل وتسرعه في وضع قواعد من قبل نفسه فقط!!!
وقد تجرأ على وضع قواعد من قبل نفسه، فقال ص (٣٢٤): معلوم أن التفرد في الطبقات المتأخرة قادح جدًّا، ودال على وجود الخطأ في الحديث. اهـ.
تهويل الخليل في ما ادَّعاه من الأخطاء بذكره الأحاديث المكررة:
وقد ظهر من خلال كتابه محاولة التشكيك في الشيخ ﵀ مهما أمكنه، وذلك من خلال تكثير عدد الأحاديث التي انتقدها؛ فإن الحديث قد يتكرر في مواضع، فيجعل له رقمًا مستقلًّا، مع أنه لو كان يريد بيان ما يراه صوابًا دون التشكيك في علم الشيخ ومنهجه لجمع الأحاديث المكررة في موضع واحد، فمن ذلك الحديث رقم (٤٢)، (٤٣)، (٤٦)، (٥٠)، (٥٨)، (٨٥)، (٨٧)، (٩٨)، وقد يكون الشيخ تراجع عن حكمه على الحديث، فالمنصف لا يذكره فيما ينتقد عليه، فمن ذلك الحديث رقم (٤٨)، (٦٧)، ولهما نظائر.
-ذكر الأدلة على إرادة الخليل النيل منه الشيخ الألباني وحده دون غيره:
ومن تتبع كلامه علم أنه يريد النيل من الشيخ خاصة، فإنه يقف على موافقة غير الشيخ له في الحكم على الحديث، فيذكر الشيخ بالانتقاد دون غيره، فمن ذلك أنه عزا الحديث ص (١٨٤) لزاد المعاد - ط الرسالة، وعليها تعليق الشيخ شعيب الأرناؤوط، وهو يصحح الحديث كصنيع الشيخ الألباني، فلم يذكره، وذكر الشيخ خاصة.
وكذلك في ص (١٩٠) فإنه عزا الحديث لابن حبان بتعليق الشيخ شعيب،
1 / 7
وهو موافق للشيخ الألباني، فلم يذكر الشيخ شعيبًا، وذكر الشيخ الألباني خاصة.
وفي ص (٢٣٣): ذكر حديثا صححه الشيخ أبو إسحاق الحويني، فلم يذكره، وذكر الشيخ فقط.
وفي ص (٢٨٢): في الطريق الرابعة رد على محققي المسند دون أن يذكرهم.
فتأمل كيف يتحاشى ذكرهم، ثم يشنع على الشيخ بمثل ما سبق ذكره، وهذا شيء كثير جدًّا، حيث يقف على من وافق الشيخ في الحكم فلا يذكره، ثم يذكر الشيخ وحده مما يدل على قصده الشيخ دون غيره، بل لم يقف قصده النيل من الشيخ على هذا، فإن الشيخ كثيرًا ما يذكر من يسبقه بالحكم على الحديث، فيخفيه هذا المستدرِك، فمن ذلك:
- قال الشيخ في الإرواء (١/ ١٢٠) عن حديث: "أَلْقِ عَنْكَ شَعَرَ الْكُفْرِ، وَاخْتَتِنْ"؛ بينت احتجاج شيخ الإسلام ابن تيمية بالحديث في صحيح أبي داود رقم (٣٨٣)، فأخفى ذلك المستدرك.
- قال الشيخ في الإرواء (٢/ ٢٨٧ - ٢٨٨): قال الدارقطني: الحسن مختلف في سماعه من سمرة، وقد سمع منه حديثًا واحدًا، وهو حديث العقيقة، فيما زعم قريش بن أنس عن حبيب بن الشهيد، وقد خالف المستدرك هذا في الحديث رقم (٥٢)، وأخفى كلام الدارقطني الذي ذكره الشيخ الألباني.
- قال الشيخ في الإرواء (١/ ٣٢٠) عن حديث: "الأَرْضُ كلُّهَا مَسْجِدٌ إِلاَّ الْحَمَّامَ وَالْمَقْبُرَةَ": قال شيخ الإسلام ابن تيمية: أسانيده جيدة، ومن تكلم فيه فما استوفى طرقه، وقد أشار إلى صحته الإِمام البخاري في جزء القراءة، فأخفى ذلك المستدرك، فهل هذا من الأمانة؟، أم أن البخاري وابن تيمية ليس لهما اعتبار عنده؟!.
1 / 8
- ونقل الشيخ في الإرواء (٤/ ١٥٥ - ١٥٩): تصحيح عبد الحق، وابن دقيق العيد، وابن حجر حديث: "أيُّمَا صَبِىٍّ حَجَّ، ثُمَّ بَلَغَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أخْرَى ... " الحديث، فأخفى كل ذلك.
- قال الشيخ في الإرواء (٥/ ٨٣) عن حديث: "لاَ يُتْمَ بَعْدَ احْتِلاَمٍ": حسَّن إسناده النووي في الرياض، فأخفاه المستدرك .. إلخ.
-ذكر الأدلة على إخلال الخليل بالأمانة العلمية:
وقد وقع فيما هو أبين من ذلك في الإخلال بالأمانة العلمية؛ فإنه إذا أراد تضعيف راوٍ أتى بقول من ضعفه، وأخفى كلام من وثقه، فمن ذلك:
- نقل الكلام في علي بن علي الرفاعي ص (٢١٤)، وترك من كلام الموثقين: قول الآجري: أثنى عليه أبو داود، وقال لبعضهم عنه: اذهبوا إلى سيدنا، وفي سؤالات الآجري (١٢٥٥): سمعت أبا داود يقول: حدث شعبة عن علي بن علي الرفاعي، وقال: سئل أبو داود عن سليمان بن سليمان، وعلي بن علي الرفاعي، فقال: علي بن علي الرفاعي، وجعل يثني على علي بن علي الرفاعي، وقال البزّار: ليس به بأس، وقال مغلطاي: ذكره ابن شاهين، وابن خلفون في جملة الثقات.
وقال المستدرِك: هشام بن حسان روايته عن الحسن بالذات فيها مقال.
وترك قول ابن عيينة: كان هشام أعلم الناس بحديث الحسن، وقد روى الجماعة هشام عن الحسن، فأين الأمانة؟!
- وفي ص (٣٩٣): نقل كلام المجرحين لهشام بن سعد، وترك قول الساجي: صدوق، وقول أبي زرعة الرازي: محله الصدق، وقول العجلي: جائز الحديث، حسن الحديث.
1 / 9
وفي ص (٤٣٤) نقل كلام من جرح فضيل بن سليمان النميري فقط، وترك قول الساجي: كان صدوقًا، وعنده مناكير، وقال الذهبي في الميزان: حديثه في الكتب الستة، وهو صدوق، فكون الجماعة رووا له أهم شيء من أمره، فقد جاز بها القنطرة.
- وفي ص (٤٤٦) قال: رواد بن الجراح ضعيف جدًّا، بل قال الدارقطني: متروك، وأشار ابن عدي إلى كثرة تفرداته، وأنه لا يتابع، ومع ذلك اختلط، فاقتصر من كلام الأئمة على هذا فقط، وقد قال الدوري عن ابن معين: لا بأس به، إنما غلط في حديث سفيان، وقال عثمان الدارمي عن ابن معين: ثقة، وقال معاوية عنه: ثقة مأمون، وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: صاحب سنة، لا بأس به، إلا أنه حدث عن سفيان أحاديث مناكير، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يخطئ، ويخالف، وقال أبو حاتم الرازي: مضطرب الحديث، تغير في آخر عمره، وكان محله الصدق، فقال له ابنه: أدخله البخاري في كتاب الضعفاء، فقال أبو حاتم: يحول من هناك (١)، وذكره ابن شاهين في الثقات، فلو أن منصفًا وقف على هذا لما بَعُد أن يُحسِّن حديثه إلا في روايته عن سفيان، فحذف هذا كله المستدرِك، ليحكم عليه بـ "ضعيف جدًّا".
-اقتطاع الخليل منه كلام العلماء ما يوافق مراده، وترك ما يخالفه:
- وقد بلوت هذه الأفاعيل من هؤلاء المتطاولين على أهل العلم، ولم يقف في الإخلال بالأمانة العلمية عند هذا، بل راحٍ يقتطع من كلام العالم الواحد ما يساعده على غرضه من تضعيف الراوي جدّا، ويترك ما يخالف ذلك، فقد قال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابعه الناس عليه، وكان شيخًا صالحًا، وفي
_________
(١) هذا مع ما عرف عن أبي حاتم من التشدد.
1 / 10
حديث الصالحين بعض النكرة، إلا أنه يكتب حديثه، فحذف من كلام ابن عدي ما يخفف من ضعفة عنده، ويحسِّن حاله وهو قوله: كان شيخًا صالحًا، وفي حديث الصالحين بعض النكرة، إلا أنه يكتب حديثه، ولهذا نظائر، وهي أشد وأنكى، ففي ص (٣٥٣) قال في زياد بن الربيع: ذكره ابن عدي في الضعفاء ولم يذكر قول ابن عدي فيه؛ لأنه: قد قواه بقوله: ولا أرى بأحاديثه بأسًا، فتركها هذا المستدرِك، فهل يريد بذلك النصيحة للمسلمين؟!!
- وقال فيه أيضًا: وذكره الذهبي في الميزان.
قلت: ورمز له بعلامة (صح) التي تدل على تصحيحه لروايته رغم ما فيه من مقال، فحذفها، نسأل الله المعافاة.
- وقال فيه أيضًا: قال البخاري: فيه نظر، ولم يذكر أن الذهبي قال: قد احتج به أبو عبد الله في جامعه الصحيح، فما أقبح هذا!.
-جرأة الخليل على اقتطاع بعض كلام العلماء، ليساعده على تضعيف حديث أو تصحيحه وترك ما يخالف ذلك:
وقد فعل هذه الأفاعيل مع حديث رسول الله ﷺ، ففي ص (٤١٩) قال في حديث عائشة ﵂ أن رسول الله ﷺ وقَّت لأهل العراق ذات عرق: قال الإِمام مسلم -يعني في التمييز ص (٢١٤) -: الأحاديث التي ذكرناها من قبل أن النبي ﷺ وقت لأهل العراق ذات عرق، فليس منها واحد يثبت، فاقتصر المستدرك على هذا من قول مسلم، وترك ما بعده، وهو: فأما رواية المعافى بن عمران عن أفلح عن القاسم عن عائشة، فليس بمستفيض عن المعافى، إنما روى هشام بن بهرام، وهو شيخ من الشيوخ، ولا يقر الحديث بمثله إذا تفرد، فقد بين مسلم ﵀ سبب تضعيفه للحديث، وهو ظنه أن هشام بن بهرام تفرد به، وليس كما ظن، فقد
1 / 11
تابعه أبو هاشم محمد بن علي عند النسائي (٥/ ١٢٥)، وهو ثقة، وقد خرَّج المستدرِك الحديث من النسائي، ووقف على المتابعة، ولذلك أخفى سبب تضعيف مسلم للحديث مع ولعه الشديد بمسألة التفرد التي ضعف بها مسلم الحديث، فعل يُفعل هذا بحديث رسول الله ﷺ؟!.
- وفي ص (٤٣٩) احتج بحديث رواه ابن خزيمة (٢٨٨٦) يؤيد ما به يريده، ويصبو إليه من تضعيف الحديث الذي صححه الشيخ، والحديث الذي احتج به في إسناده شريك بن عبد الله النخعي، وهو ضعيف، فأخفى ذلك، فتبًّا للهوى.
- وقال البيهقي في طريق من طرق حديث: "الأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلاَّ الْحَمَّامَ وَالْمَقْبُرَةَ": حديث الثوري مرسل، وقد رُوي موصولًا، وليس بشيء، فاكتفى المستدرِك بهذا من كلام البيهقي في ص (١٧٥)، وحذف قوله: وحديث حماد ابن سلمة موصول، وقد تابعه على وصله عبد الواحد بن زياد والدراوردي، وهو يدل على تقويته للموصول، فهل هذا من الأمانة؟!!
- وفي حديث: "المَرْأَةُ عَوْرَةٌ"، قال ص (١٧١): قال الدارقطني: الموقوف هو الصحيح من حديث أبي إسحاق، وحذف قوله: ورفعه صحيح من حديث قتادة، أسأل الله العافية.
وقد أدى به محاولة الانتصار لرأيه إلى تناقض عجيب، فمن ذلك:
-تناقض عجيب من الخليل للانتصار لرأيه:
- قال ص (٢٩٩): قبيصة وهو ابن عقبة بن محمد بن سفيان ضعيف في سفيان الثوري، ثم ناقض نفسه لما كانت رواية قبيصة عن سفيان تحقق مراده، فقال في ص (٣١٢): رواية قبيصة عن سفيان لم يقدح فيها كل الحفاظ، بل قدح فيها
1 / 12
الإِمام أحمد وابن معين، وظاهر كلام غيرهما عدم القدح فيها، بل الثناء عليها، ثم ذكر ثناء الأئمة على رواية قبيصة عن سفيان، فهل يوثق بأمثال هؤلاء بعد ذلك؟!!
-نسبة الخليل للعلماء كلامًا لم يقولوه:
ولم يقف في إخلاله بالأمانة عند إخفائه الحقائق وكتمان ما يخالف ما يريد من كلام العلماء، بل قد وقع فيما هو أشد من ذلك، فقد نسب للعلماء كلامًا لم يقولوه، ففي ص (١٢٥) قال: صحح النسائي والبيهقي وقف الحديث على ابن عباس.
والحديث عند النسائي في الكبرى (٣٩٤٥) مرفوعًا وليس فيه أنه صحح وقفه كما ادعى.
-ضحالة الخليل في علم الحديث العجيبة مع تطاوله على الكبار:
ومع تطاوله على كبار العلماء فقد بدت منه ضحالة عجيبة، لا تقع من طالب علم مبتدئ في هذا الفن الشريف، ففي سنن البيهقي الكبير (١/ ٣٠٤): قال الإِمام أحمد: وقد روي من وجه آخر ضعيف عن علي هكذا، فقال المستدرِك ص (٣٣٤): ضعفه الإِمام أحمد، نقله البيهقي في السنن، فهذه فضيحة، فإن الإِمام أحمد المذكور هنا هو البيهقي نفسه، وذلك يتكرر كثيرًا في كتب البيهقي، والعجب أن ابن التركماني بيَّن ذلك في الجوهر النقي الذي في حاشية السنن، فقال: قال البيهقي: وقد روي من وجه آخر ضعيف عن علي، فلم يلتفت إلى ذلك المستدرك، فاهتمامه إنما هو مُنصبٌّ على التشكيك في الكبار، لا أن يتعلم منهم.
- وفي ص (٣٢١) قال عن حديث عبد الله بن زيد: رأيت النبي ﷺ حين استسقى أطال الدعاء، وأكثر المسألة، قال: ثم تحول إلى القبلة، وحول رداءه، فقلبه ظهرًا لبطن، وتحول الناس معه، فقال المستدرِك: قوله: "وتحول الناس
1 / 13
معه" عزاه الشيخ الألباني إلى مسند أحمد بهذه اللفظة، وهذه اللفظة لم أجدها في مسند أحمد، وقد تتبعت رواية الحديث كلها في مسند أحمد، ولم أجد هذا اللفظ. انتهى كلامه.
قلت: هو موجود بهذه اللفظة في مسند أحمد (٢٦/ ٣٨٨).
- وقال في ص (٢١٨) عن شيخ الطبراني محمود بن محمد الواسطي: لم أجده بعد طول بحث؟
قلت: قال الدارقطني في سؤالات حمزة السهمي (٣٦٧): ثقة، وترجم له الخطيب في تاريخه (١٣/ ٩٤)، وترجم له الذهبي في تاريخ الإسلام (٧/ ٦١٧) رقم (١٠٣٢٧)، وقال: محدث كبير، وترجم له في السير (١٤/ ٢٤٢)، وقال: الحافظ المفيد العالم، وقال: كان من بقايا الحفاظ ببلده.
فإذا بحث بحثًا طويلًا، ولم يصل إلى شيء من هذه المصادر التي في متناول الطالب المبتدئ، فليعلم قدره من هذا العلم الشريف.
ولئن كان قد وقع في كلامي بعض الألفاظ الشديدة، فإنني أرى أنني لم أقل فيه كلمة إلا بمثل ما وقع منه أو دونه، على أن كل ما قلته فيه من كلام قد يجد في نفسه منه دون جملة واحدة مما قاله تشكيكًا وتطاولًا على إمام العصر شيخنا الألباني ﵀ وغيره من أهل العلم.
وكم كنت أود أن يقصر الدكتور أحمد الخليل نفسه على ما يحسن، فقد كانت له مؤلفات صغيرة في بعض الأحكام الفقهية، يمكن أن يستفاد منها، وإن أراد أن يكون له نصيب من علم الحديث، فليدخل الحصن من بابه، فيبدأ من جديد بتعلم هذا العلم الشريف من أهله المتحققين به المعروفين بالمنهج الصحيح فيه المتبعين للأئمة في هذا الشأن، فإن العلم سلسلة متصلة بأهله على مر الدهور، فليس لأحد
1 / 14
أن يخرج علينا بمنهج يتهم فيه علماء الأمة بالخلل، فإن الأمة لا تجتمع على ضلالة، وسترى إن شاء الله في هذا الكتاب أن المستدرك قد أخطأ في أكثر ما استدركه، وأن الصواب في ذلك مع الشيخ ﵀.
وأظن أنني لست بحاجة إلى التنبيه على أن دفاعي عن إمام أهل الحديث في عصرنا الشيخ الإِمام الألباني ﵀ لا يعني الدعوة إلى تقليده، فليس ذلك من منهجنا، وسترى في هذا الكتاب وغيره ما يدفع ذلك، وليس معنى أن نرى في حديث خلاف ما قرره الشيخ أننا ننتقصه، بل المسألة اجتهادية على كل حال، وبالله التوفيق، هذا وقد سميته: "إقامة الدليل على علو رتبة إرواء الغليل، والرد على مستدرك التعليل".
أسأل الله ﷿ لنا ولإخواننا المسلمين التوفيق والسداد، وأن يغفر لنا، ولوالدينا ومشايخنا، وأن يجعل هذا العمل نافعًا للإسلام والمسلمين، وأن أجده في ميزان حسناتي يوم نلقى الله ﷿
وكتب
أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم بن أبي العينين
1 / 15
نصيحتي للقائمين على النشر في دار ابن الجوزي وغيرهم
لقد وقفت على كتب كثيرة نافعة نشرتها دار ابن الجوزي، وهذا خير عظيم، فنشر العلم النافع من أعظم القربات، وهو امتثال لقوى النبي ﷺ: "فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ" فيجب على القائمين عليها أن يحافظوا على نشر كتب العلماء الموثوق بعلمهم، وألا يتعجلوا في النشر لطلاب العلم خاصة في مجال النقد إلا بعد عرضه على العلماء الموثوق بهم، وألا يعتمدوا في ذلك على الشهادات النظامية فقط، فقد سبق ذكر بعض ما وقع من الدكتور صاحب الكتاب المردود عليه من أمور في غاية الخطورة، لا تقع من طالب علم مبتدئ.
-أخطاء نحوية كثيرة وقعت من الدكتور أحمد الخليل:
ومع ما سبق ذكره وستراه في هذا الكتاب، فإن الدكتور الخليل قد وقع في أخطاء نحوية لا يقع فيها طالب علم في بداية أمره، فمن ذلك:
_________
الخطأ ................................... الصواب ................................. الصفحة
_________
فإن للحذاق من المحدثين في هذه ........ فإن للحذاق من المحدثين في هذه
المسألة نظر آخر ....................... المسألة نظرًا آخر .......................... ١٣
على أن حسين الجعفي .................. على أن حسينًا الجعفي ..................... ٢١
أسقط رجل من هؤلاء ................... أسقط رجلًا من هؤلاء ...................... ٤٣
ربما كان هذا الذي لم يعرف هالك ........ ربما كان هذا الذي لم يعرف هالكًا
كذاب .................................... كذابًا ...................................... ٤٩
إن حميد عنده تدليس ...................... إن حميدًا عنده تدليس .................... ١٤١
إن في النفس شيء ........................ إن في النفس شيئًا ....................... ١٤١
إن كلام الحفاظ دليلًا على حفظهم .......... إن كلام الحفاظ دليلِّ على حفظهم ........ ١٦١
1 / 16
_________
الخطأ ................................... الصواب ................................. الصفحة
_________
ذكر الشيخ الألباني لفظ .................. ذكر الشيخ الألباني لفظًا ...................... ٢٣٣
جمع وإعداد أبو الحسن .................. جمع وإعداد أبي الحسن ...................... ٢٥٦
إن هذين حديثين منفصلان ............... إن هذين حديثان منفصلان ................. ٣٠١
وهو ليس ردًّا علميا مبني على ........... وهو ليس ردًّا علميًّا مبنيًّا على
معرفة درجة إتقان الرجل ................ معرفة درجة إتقان الرجل .................. ٣٠٤
واعتبره منكر ............................ واعتبره منكرًا ............................. ٣٣٤
فصارت العلل ثلاث ..................... فصارت العلل ثلاثًا ........................ ٣٤٩
إن في إسناده مجهول، وآخر صدوق ...... إن في إسناده مجهولًا، وآخر صدوقًا ........ ٣٥٠
إن خالد .................................. إن خالدًا ................................. ٣٧٠
اللهم أحييني .............................. اللهم أحيني ............................... ٣٧٥
عبارات باقي الأئمة نحوًا مما سلف ........ عبارات باقي الأئمة نحوٌ مما سلف .......... ٣٩٣
قدم أبو حاتم شريك ........................ قدم أبو حاتم شريكًا ..................... ٤٠٨
فإذا كان شريك معروف .................... فإذا كان شريك معروفًا .................. ٤٠٨
مع أن غندر ............................... مع أن غندرًا ............................ ٤١٥
_________
فهذه أكثر من عشرين خطأً نحويًّا وقع فيها هذا الدكتور المستدرِك، ولم أستقص، ولم أتحر الاستقصاء، ويغلب على الظن أن من استقصى فسيجد غيرها، فهل تأهل مثل هذا للتصنيف، فضلًا عن أن يصدر نفسه ناقدًا على أئمة العلماء؟!، فليحذر القائمون على دور النشر من أن يكونوا شركاء لهؤلاء المتعجلين في التصنيف، بل النقد، ولم يتأهلوا بعد - في جرم التشكيك في آهل العلم، فيتحملوا التبعة معهم، فالأمر جدُّ خطير، أسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى.
1 / 17
مناقشة ما كتبه المستدرِك في المقدمة
-غلط الخليل في رمي الشيخ الألباني بمخالفة منهج الأئمة المتقدمين:
قال المستدرك ص (١٠): لما كنت أقرأ في هذا الكتاب (يعني الإرواء) لفت انتباهي كثرة مخالفة أحكام الشيخ الألباني ﵀ لأحكام الأئمة المتقدمين حتى صار ذلك يشكل ظاهرة في الكتاب، وإذا نظر الإنسان في الكتاب وجد أن هذا الاختلاف ناشئ عن اختلاف في المنهج، لا عن اختلاف في التطبيق ... إلخ.
وأقول: يؤسفني أن يكون هذا المستدرِك بهذا الحال، فإن ما حكاه بخلاف الحقيقة كما سيقف على ذلك القارئ بنفسه، فَقَلَّ أن تجد حديثًا اعترض المستدرك على الشيخ ﵀ في حكمه ليس للشيخ فيه سلف من الأئمة المتقدمين، وحقيقة الأمر أنه ليس هناك خلاف بين الأئمة المتحققين بهذا العلم الشريف، لا من يصفونهم بالمتقدمين ولا من يصفونهم بالمتأخرين، بل الاختلاف يقع بين المتقدمين والمتأخرين في الحكم على أفراد أحاديث، فالمسألة اجتهادية، وكذلك الأمر بالنسبة للشيخ الألباني ﵀، وهذا التفريق إنما أحدثه بعض المعاصرين، وقد بينت فساده، وأنه لا أصل له في كتابي: "القول الحسن في كشف شبهات حول الاحتجاج بالحديث الحسن".
-غلط الخليل في رمي الشيخ الألباني بعدم حسن مخاطبة الأئمة:
ثم راح هذا المستدرِك يتهم الشيخ ﵀ بالتقليل من قدر الأئمة وعلمهم بالحديث وعلله، وتخريج طلاب على هذه الطريقة المذمومة، فقال: وكذلك لفت انتباهي أثناء قراءة الإرواء كثرة العبارات التي يقولها الشيخ معلقًا بها على تعليلات الأئمة، مما يهون بها من شأن تلك العبارات حتى نشأ جمع من طلاب العلم، ليس لكلام الأئمة في نفوسهم قيمة، ولا وزن، وهذا أمر خطير، ثم نقل
1 / 18
عن الشيخ قوله في بعض الأحاديث التي أعلها بعض الأئمة: أعله بعض المتقدمين بما لا يقدح، أو هذه العلل ليست بشيء، وهذا الإعلال ليس بشيء عندنا، ثم قال: فهذه العبارات لا تنبغي في حق الأئمة.
وأقول: هكذا أوهم هذا المستدرِك أنه أعلم بقدر الأئمة، وما ينبغي أن يخاطبوا به من إمام المحدثين وإمام المربين وإمام المعلمين في هذا العصر، والشيخ ﵀ يجري في هذا التعبير على سنن أهل العلم، فقد قال الإِمام عبد الغني بن سعيد الأزدي في كتابه المؤتلف والمختلف (٢/ ٥٢٢) في عبد الله بن عنمة: عنمة مسكنة النون بعد العين المهملة، فقال ابن ماكولا في الإكمال (٦/ ٤٤١): قال عبد الغني: عَنْمة بسكون النون، وليس بشيء.
وقال ابن عبد البر في الاستيعاب (٣٢١٩): أبو يزيد النميري له صحبة؛ فقال ابن الأثير في أسد الغابة (٦/ ٣٣٢): قوله: (النميري) ليس بشيء.
وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة (١/ ٥٦) في ترجمة الأغر بن يسار المزني: ومال ابن الأثير إلى التفرقة بين المزني والجهني، وليس بشيء.
وغير ذلك كثير من الأئمة في نقد كلام بعضهم بعضًا، ولم أر أحدًا من العلماء المعتبرين انتقد واحدًا منهم في ذلك، وقال: إنها عبارة لا تنبغي في حق الأئمة كما ادَّعى هذا المستدرِك على إمام المحدثين في عصرنا، فانتقاده على الشيخ من البلاء الذي ابتلينا به من طلاب العلم في أيامنا، والله المستعان.
ولم يكتف هذا المستدرِك في انتقاده على الشيخ في عباراته التي استعملها في نقد بعض الأحكام على الأحاديث من بعض أهل العلم حتى ذهب يعلم الشيخ العبارات اللائقة، فقال: "ولو اكتفى الشيخ بقوله: إن هذا الإعلال ليس بصحيح مثلًا أو نحو هذه العبارة لكان هو الأولى، أما أنها ليست بشيء فهذا غير مقبول مع الأئمة".اهـ.
1 / 19
فأقول: وأي فرق يؤثر بين "ليس بصحيح" و"ليس بشيء" فغير الصحيح ليس بشيء معتبر، وهل يجرؤ على أن يوجه هذا التعليم المزعوم لابن ماكولا، وابن الأثير، وابن حجر وغيرهم من العلماء الذين استعملوا هذا التعبير دون أي نكير من بعضهم على بعض في استعماله؟!، أسأل الله المعافاة.
-غلط الخليل في ما ادعاه من الفرق بين منهح الأئمة المتقدمين والمتأخرين:
قال المستدرِك ص (١٢): الواقع أن لكل من المتقدمين والمتأخرين منهجًا خاصًّا به، يظهر ذلك جليًّا لكل من نظر في كلام الأئمة وتعليلاتهم المبثوثة في كتب العلل والرجال.
ويدل على هذا الفرق بين المتقدمين من الأئمة والمتأخرين من العلماء أمران:
الأمر الأول: العبارات الصريحة من أهل العلم التي تدل على الفرق بين المنهجين، ولا أعلم أحدًا من أهل العلم -سوى المعاصرين- أنكر وجود الفرق بينهما، وهناك في المقابل عدد منهم نص على وجود الفرق بعبارات واضحة، ومن هؤلاء: الحافظ ابن رجب، والحافظ ابن حجر، والحافظ العلائي، وابن الوزير، وابن دقيق العيد، والشيخ المعلمي.
قلت: قوله: "لا أعلم أحدًا من أهل العلم أنكر وجود الفرق بينهما" كلام عجيب، فإن البينة على المدَّعي، فكان الواجب أن يقول: أثبت هذا الفرق فلان وفلان من أهل العلم، ولا أعلم لهم مخالفًا، ولا أدري: هل عدم علمه بمن أنكر ذلك يقتضي عدم الوجود.
وقوله: "هناك في المقابل عدد منهم نص على وجود الفرق بعبارات واضحة"، فلا أدري هل يعلم الدكتور معنى النص أم لا؟، وكلامه ذلك يدل على عدم علمه بمعناه، فإن كان كذلك فكان ينبغي له ألا يتكلم بكلام لا يدري معناه،
1 / 20