موسوعة محاسن الإسلام ورد شبهات اللئام
موسوعة محاسن الإسلام ورد شبهات اللئام
Editorial
دار إيلاف الدولية للنشر والتوزيع (دار وقفية دعوية)
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م
Géneros
مِنْهُ الْقُلُوبُ مَعَ الْأَبْدَانِ، ثُمَّ شُدَّتْ بِالْحِبَالِ يَدَاهُ وَالرِّجْلَانِ، ثُمَّ خَالطَهَا تِلْكَ المسَامِيرُ الَّتِي تَكْسِرُ الْعِظَامَ وَتُمَزِّقُ اللُّحْمَانَ، وَهُوَ يَسْتَغِيثُ: يَا قَوْمِ ارْحَمُونِي! فَلَا يَرْحَمُهُ مِنْهُمْ إِنْسَانٌ.
هَذَا وَهُوَ مُدَبِّرُ الْعَالمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفليِّ الَّذِي يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ. ثُمَّ مَاتَ وَدُفِنَ فِي التُّرَابِ تَحْتَ صُمِّ الجنَادِلِ وَالصَّوَّانِ، ثُمَّ قَامَ مِنَ الْقَبْرِ وَصَعِدَ إِلَى عَرْشِهِ وَمُلْكِهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ مَا كَانَ.
فَمَا ظَنُّكَ بِفُرُوعٍ هَذَا أَصْلُهَا الَّذِي قَامَ عَلَيْهِ الْبُنْيَانُ، أَوْ دِينٍ أُسِّسَ بُنْيَانُهُ عَلَى عِبَادَةِ الْإِلَهِ المنْحُوتِ بِالْأَيْدِي بَعْدَ نَحْتِ الْأَفْكَارِ مِنْ سَائِرِ الْأَجْنَاسِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَنْوَاعِ وَالْأَصْنَافِ وَالْألوَانِ، وَالْخُضُوعِ لَهُ وَالتَّذَلُّلِ وَالْخُرُورِ سُجُودًا عَلَى الْأَذْقَانِ، لَا يُؤْمِنُ مَنْ يَدِينُ بِهِ بِالله وَلَا مَلَائِكَتِهِ وَلَا كُتُبِهِ وَلَا رُسُلِهِ وَلَا لِقَائِهِ يَوْمَ يَجْزِي المُسِيءَ بِإِسَاءَتِهِ وَالمُحْسِنَ بِالْإِحْسَانِ. أَوْ دِينِ الْأُمَّةِ الْغَضَبِيَّةِ الَّذِينَ انْسَلَخُوا مِنْ رِضْوَانِ اللهِ كَانْسِلَاخِ الْحَيَّةِ مِنْ قِشْرِهَا، وَبَاءُوا بِالْغَضَبِ وَالْخِزْيِ وَالْهَوَانِ، وَفَارَقُوا أَحْكَامَ التَّوْرَاةِ وَنَبَذُوهَا وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ، وَاشْتَرَوْا بِهَا الْقَلِيلَ مِنَ الْإِيمَانِ، فَتَرَحَّلَ عَنْهُمُ التَّوْفِيقُ وَقَارَنَهُمُ الْخِذْلَانُ، وَاسْتَبْدَلُوا بِوِلَايَةِ الله وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَأَوْليَائِهِ وِلَايَةَ الشَّيْطَانِ (١).
أما وقد تمادوا في غيِّهم وضلالهم فليندموا على ما قدموا وليحزنوا على ما اقترفوا وشككوا؛ لأن الله تعالى قد حفظ هذا الدين وسد على الزائغين طرق التشكيك والتلبيس على المسلمين، ونصب في كل فترة من ينبري لصد عدوان الصائلين، وقد أمرنا نبينا أن نرد على الحاقدين والمارقين.
لما قال أبو سفيان يوم أحد: أفيكم محمد؟ أفيكم أبو بكر، أفيكم ابن الخطاب؟ قال لأصحابه: "لا تجيبوه". تهاونًا به وتحقيرًا لشأنه، فلما قال: أُعل هبل، قال لهم رسول الله ﷺ: "قولوا: الله أعلى وأجل". ولما قال: لنا العزى ولا عزى لكم، قال لهم: "قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم".
_________
(١) هداية الحيارى لابن القيم ١/ ٢١٨ - ٢٢٠.
1 / 13