والقيم بأمورك ومتولي شأنك؛ وهو ربك فلا رب سواه، أو تكون مملوكه وعبده الحق؛ فهو ملك الناس حقًا، وكلهم عبيده ومماليكه، أو يكون معبودك وإلهك الذي لا تستغني عنه طرفة عين، بل حاجتك إليه أعظم من حاجتك إلى حياتك وروحك، وهو الإله الحق؛ إله الناس الذي لا إله لهم سواه، فمن كان ربهم وملكهم وإلههم فهم جديرون أن لا يستعيذوا بغيره، ولا يستنصروا بسواه، ولا يلجؤا إلى غير حماه، فهو كافيهم وحسبهم وناصرهم ووليهم ومتولي أمورهم جميعًا بربوبيته وملكه وإلهيته لهم. فكيف لا يلتجئ العبد عند النوازل ونزول عدوه إلى ربه ومالكه وإلهه"١.
وخلاصة القول: أن من كان متصفًا بتلك الصفات العظيمة جدير بأن يعبد وحده ولا يشرك معه أحد من خلقه؛ وهو ما يؤكده الشيخ الأمين ﵀، وما يحتويه كلامه السابق؛ فالموجودات كلها واقعة تحت أمر الله ونهيه وقهره. فسبحان من تفرد بالوحدانية والملك والألوهية.
وهذه الصفات العظيمة الدالة على توحيد الألوهية: قد أجمل الشيخ ﵀ الكلام عنها في موضع واحد، ثم فصل الكلام عنها في مواضع متعددة من تفسيره.
وقد أجملت الكلام عنها فيما سبق اقتداء بصنيع الشيخ ﵀، وها أنا أشرع ببيانها على وجه التفصيل اقتداء بصنيع الشيخ ﵀ أيضا. فمنها:
أولا: قدرة الله على الخلق:
الذي يقدر على خلق الخلق، وإبرازهم من العدم إلى الوجود هو الذي يستحق أن يعبد وحده؛ لأن من لا يقدر على ذلك عاجز، والعاجز لا
١ بدائع الفوائد ٢/٢٤٨.