Educational Milestones for Aspiring High Religious Authorities
معالم تربوية لطالبي أسنى الولايات الشرعية
Géneros
أما عن طلبي للعلم، فأسأل الله أن يجزي الوالد عني كل خير، وأحمد الله ﵎ أن هيأه لي وسخره لي، وما كان العبد ليصيب ذلك لولا فضل الله. كان ﵀ حريصًا إلى أخذنا إلى مجالسه في الحرم، وحضور درسه في البيت، وكان يأخذني منذ الصغر معه لدرسه بالحرم، حتى أنني ربما أنام -من صغري- في حجره في الدرس؛ لأنه كان يدرّس بعد الفروض كلها، إلا العصر أحيانًا يكون عنده درس في البيت، فلما بلغت الخامسة عشرة، أمرني أن أجلس بين يديه وأن اقرأ عليه دروس الحرم، فابتدأت معه في سنن الترمذي، وتعرفون بداية مثلي في جمع من الناس في مسجد النبي ﷺ، ولكنه أراد أن يشحذ همتي، وكان يحسن الظن فيّ، أسأل الله العظيم ألا يخيّب ظنه فيّ.
فابتدأت بقراءة سنن الترمذي، ثم الموطأ، وختمته عليه، ثم سنن ابن ماجة، وتوفي ولم أكمله عليه، وأسال الله أن يكتب له أجر إكماله. هذا بالنسبة للدرس الأول بعد المغرب.
ثم يأتي طالب ويقرأ عليه درس في اللغة، ثم طالب يقرأ عليه درسًا في الفقه، وكنت أحضر معه.
وبعد العشاء كنت أقرأ عليه صحيح مسلم، حتى ختمه، وابتدأ بالختمة الثانية، وتوفي في آخرها. ومن غريب ما يذكر: أنه توفي عند باب فضل الموت والدفن في المدينة.
وأذكر أنه في آخر هذا الدرس دعا، ولم تكن عادته الدعاء في هذا الموضع، وقد قرأت عليه هذا الحديث من البخاري ومسلم قرابة أربعة مرات، ما أذكر أنه دعا إلا في آخر مجلس من حياته، وكان صحيحًا ليس به بأس، فبعد أن ذكر الفضل في الموت في المدينة وأقوال الصحابة، قال: وأسأل الله ألا يحرمنا ذلك، فأمّن الحاضرون، وكان تأمينهم ملفت للنظر كتأمين المصلين في الحرم في الصلاة من كثرتهم.
ثم في الفجر كان يقرأ التفسير حتى تطلع الشمس، وأما بعد صلاة الظهر فكنت أقرأ عليه صحيح البخاري حتى ختمته، ثم ابتدأتُ قراءة ثانية، وتوفي ولم أكملها عليه.
1 / 139