Freud
ثم تابعه كليمت
Klimt
14
في تداعياته الفنية الحرة) التي أضافت بعدا آخر إلى الفوضى القائمة. لقد كشف هذا الزخم الدافق من الحداثية أنه من المستحيل تقديم العالم في لغة واحدة. والفهم الحقيقي إنما يبنى من خلال الكشف عن زوايا العالم المتعددة. كانت إبستمولوجيا الحداثة، باختصار، تدفع بقوة نحو تعدد الرؤى النسبية، في الكشف عما ظل يعتقد أنه الطبيعة الحقيقة لواقع قائم متجانس، رغم ما فيه من تعقيدات، يقول فرويد: «إن ما نسميه بحضارتنا هو الذي ينبغي أن نحمله إلى حد كبير تبعة بؤسنا، وإن التخلي عن هذه الحضارة للعودة إلى الحالة البدائية سيكفل لنا قدرا من السعادة أكبر بكثير ... كيف انتهى الأمر بعدد كبير من المخلوقات البشرية إلى الأخذ - على ما في ذلك من غرابة - بوجهة النظر المعادية للحضارة تلك؟ أعتقد أن استياء دفينا، من منشأ ناء للغاية، كان يتجدد في كل طور من أطواره، هو الذي حث على تلك الإدانة، التي كانت تتكرر بانتظام، بفضل ظروف تاريخية مؤاتية.»
15
هذه الروح الانهزامية النكوصية التي يتحدث بها فرويد كانت هي السائدة في مطلع القرن العشرين، وتبدو كطرف نقيض للخطاب الحداثي التنويري الشمولي. ولنقرأ توصيف مارشال بيرمان
M. Berman
في كتابه «كل ما هو صلب قد تبخر في الهواء»
All that is Solid Melts into Air ، وعنوان الكتاب هو إحدى جمل البيان الشيوعي لماركس، يذهب مارشال بيرمان إلى «أن الحداثة تحتوي على تناقضاتها الداخلية؛ فأنماط الفكر الحداثي قد تتحول إلى سلفية جامدة يصيبها التقادم؛ لأن أنماطا من الحداثة قد تحتجب لأجيال طويلة دون أن تخلفها أنماط بديلة.» ويرى بيرمان أن المشروع الحداثي قائم على فكرة توحيد البشرية وتجاوز الحدود والاختلافات «لكنها وحدة أضداد، وحدة اللاوحدة؛ فهي تحيلنا جميعا إلى خضم تيار من العزلة المتزايدة والولادة من جديد، من الكفاح والتناقض، من الغموض والقلق العميق. فأن تكون حديثا هو أن تكون جزءا من عالم حيث يكون.» كما يقول ماركس: «كل ما هو صلب قد تبخر في الهواء.»
Página desconocida