قال: وحمل قيذار التابوت على عاتقه وخرج يريد أرض كنعان، وذلك أن يعقوب (عليه السلام) كان بأرض كنعان، فأقبل يسير ترفعه أرض وتخفضه أخرى حتى قرب من البلاد.
قال: فصر التابوت صرة سمعها يعقوب (عليه السلام)، فقال لبنيه: اقسم بالله لقد جاءكم قيذار فقوموا نحوه.
قال: فقام يعقوب وأولاده جميعا، فلما أن نظر يعقوب إلى قيذار استعبر باكيا وقال: يا قيذار مالي أرى لونك متغيرا وقوتك ضعيفة، أرهقك عدو أم أتيت معصية بعد أبيك إسماعيل؟
قال: ما رهقني عدو، ولا أتيت معصية، ولكن نقل من ظهري نور محمد (صلى الله عليه وآله) فلذلك تغير لوني وضعف ركني.
قال يعقوب: أفمن بنات إسحاق؟
قال: لا ولكن في العربية الجرهمية وهي الغاضرة.
قال يعقوب: بخ بخ، شوقا لمحمد (صلى الله عليه وآله)، لم يكن الله عز وجل ليجريه إلا في الطاهرات يا قيذار وأنا مبشرك ببشارة.
قال: وما هي؟
قال يعقوب: اعلم أن الغاضرة قد ولدت لك الليلة غلاما.
قال: وما علمك يا بن عمي وأنت بأرض الشام وهي بأرض الحرم؟
قال يعقوب: أعلم ذلك لأني رأيت أبواب السماء قد فتحت، ورأيت نورا كالقمر الممدود بين السماء والأرض ورأيت الملائكة ينزلون من السماء بالبركات والرحمة، فعلمت أن ذلك من أجل محمد (صلى الله عليه وآله).
قال: فسلم قيذار التابوت إلى يعقوب (عليه السلام) ورجع إلى أهله، فوجدها قد ولدت غلاما فسماه " حمل "، وفيه نور رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فلما ترعرع أخذه أبوه بيده ليريه مكة والمقام وموضع البيت الحرام. فلما أن صار على جبل ثبير تلقاه ملك الموت (عليه السلام) في صورة رجل من الآدميين، فقال:
Página 72