293

Durr Manzum

الدر المنظوم الحاوي لأنواع العلوم

Géneros

Fiqh chií

فإذا توضحت لك هذه القاعدة، وقدرت قدر هذه الفائدة، علمت إمكان حمل المثبت للنافي على السلامة، مالم يعلم من حاله أنه لم ينف الإمامة لأمر اطلع عليه، وإنما دعاه الهوى المحض إليه، أو يكون المثبت قد اطلع على الأمر الذي لأجله نفى النافي الإمامة، فعلم أنه مما لا يبطل أحكامها العامة، ولن يمكن اطلاع المثبت على ذلك إلا باعتراف النافي أو تعيينه لما نفى الإمامة لأجله، وأيضا يعلم مما تقدم إمكان حمل النافي للمثبت على السلامة، ما لم يعلم اطلاع المثبت على موجب النفي، أو يشتهر ذلك الموجب بحيث يعلم أنه لا يخفى على مثل ذلك المثبت.

هذا ولا شك أن حمل المسلمين على السلامة ما أمكن في الدين حتم، وفي الرأي حزم، وأن المسارعة إلى التخطئة والتضليل، والتفسيق والتجهيل، ليس من شأن المحققين، ولا من صفات المثبتين المحقين، خاصة في حق من جمع بين المعرفة والديانة، والصيانة والأمانة.

وعلى هذا ننزل ما كان من معاملة بعض السلف بعضا المعاملة الحسنة بالموادة والتصافي، مع اختلافهم في أئمة زمانهم، ومع بنائهم على أن المسألة قطعية.

فإن قلت: إن حمل المثبت للنافي على السلامة بتجويز أن يكون قد اطلع من الإمام على ما يبطل إمامته، يتضمن حمل الإمام على خلاف السلامة، وهو بالحمل عليها أولى من النافي، لفخامة شأنه عند المثبت وارتفاع مكانه، وإذا لم يكن بد من حمله على عدم السلامة، فالنافي به أولى من الإمام الذي لم يظهر منه للمثبت إلا ما هو حسن جميل.

Página 306