رب يسر وأعن يا كريم أما بعد: حمدا لله كما ينبغي لجلاله، والصلاة على سيدنا محمد وآله، فإنه لا يعزب(1) عن الأذهان الشريفة والأديان الحنيفة لزوم التحري في الأمور الدينية للصواب، وقبح الهجوم فيها مع الشك والارتياب، ومن أعظمها في الخطر وأحوجها إلى تحرير النظر مسألة الإمامة التي هي لكثير من الأحكام الشرعية كالدعامة، فإن الإقدام فيها أو الإحجام مالم يصدر عن روية وتحقيق، وتنقير وتدقيق، مهلكة من المهالك، ومسلك من أوعر المسالك، ورأيت الناس في زماننا هذا يخبطون خبط عشواء، ويبنون فيه على ما يلائم الأهواء، فلا تكاد تظفر بأريب بنى العقيدة على قواعدها، ولا تقع على لبيب قد أحاط علما بنكتها وفوائدها، إلا قليل ممن عامله الله بتوفيقه، وهداهم في الدين إلى أوضح طريقة، ولما كنت ممن قصر فهمه عن بلوغ الغاية، وقعد به حظه عن الوصول في ذلك إلى النهاية، صرفت الهمة إلى مباحثة أهل العلم والحكمة، ممتثلا لقول الله عز وجل: ?فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون? [النحل: 43]، ناظرا إلى ما ورد في الأثر: (السؤال نصف العلم)(2) قاصدا للاستفادة والإزدياد، غير مريد للتعنت والانتقاد غير المعتاد، والله على ما أقول شاهد وبه كفيل، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
Página 225