قلت: وهو مذهب قوي حسن، لكن يزاد فيه أنه إذا تعذر الاجتهاد لم يكف أن يكون مقلدا صرفا، بل لا بد أن يكون مميزا تميزا حسنا، عارفا بالله تعالى وصفاته، وما يجوز عليه ومالا يجوز له مشاركة في العلوم المحتاجة، مرتقي إلى درجة الترجيح، وهذا المذهب لا يعد مصادما للاجماع، بل قد صرح الإمام المهدي عليه السلام بأن الإجماع إنما انعقد على اشتراط الاجتهاد عند إمكانه، وأن الخلاف ثابت عند تعذر الاجتهاد.
قال: ونحن نرفع القاعدة هذه، ونقول: إنه لا يتعذر مع بقاء التكليف، وهم يقولون: يجوز تعذره مع بقاء التكليف.
قال: ونحن لا نخالف مع فرض تعذر الاجتهاد مع بقاء التكليف بنصب الإمام في أن إمامة المقلد حينئذ جائزة وإلا كنا مكلفين بما لا يطاق، ومع تجويز ذلك يرجع الخلاف إلى الوفاق من غير شك ولا خلاف بيننا وبينهم إلا في تجويز خلو الزمان عن المجتهد.
قلت: ينبغي أن يقال في تجويز خلو الزمان من مجتهد صالح للإمامة، وأما وجود مجتهد لا يصلح لها ففرض وجوده من مسألتنا هذه كفرض عدمه.
تنبيه: قد عرفت أنه يؤخذ من كلام الإمام المهدي عليه
السلام أن المسألة اتفاقية مع تقدير خلو الزمان عن مجتهد صالح للإمامة، ويؤخذ من هذا أنه لو خلا الزمان عن فاطمي مثلا؛ أو عن شجاع صالح للإمامة أن الإمامة لا تتوقف على ذلك لتعذره وحصول الضرورة إليها.
ويتفرع على هذا لو أن الزمان خلا عن كامل الشروط، ولم يوجد إلا من فيه نقص، ولكن الناقصين متعددون، وبعضهم مختلف، فأحدهم ناقص عن شرط المنصب، وآخر ناقص عن الاجتهاد، وآخر ناقص عن التدبير، وآخر ناقص عن الشجاعة، ألجأت الضرورة إلى قيام ناقص ما، الأرجح اعتقاده من تلك النواقص، هل يعدل إلى المجتهد، لأن أمر العلم أهم؟ أو إلى ذي المنصب؟ أو إلى ذي التدبير؟ ينظر في ذلك.
Página 122