غلامان كان استوردا كل سورة ... من المجد ثم استوثقا في المصادر
ربيعي حيًا كانا يفيض نداهما ... على كل مغمور تراه وغامر
كأن سنا باريهما كل شتوة ... سنا البرق يبدو للعيون النواظر
وقالت ترثيه أيضًا:
أيا عين بكي توبة بن الحمير ... بسح كفيض الجدول المتفجر
لتبك عليه من خفاجة نسوة ... بماء شؤن العبرة المتحدر
سمعت بهيجًا أرهقت فذكرنه ... ولا يبعث الأحزان مثل التذكر
كأن فتى الفتيان توبة لم يسر ... بنجد ولم يطلع من المتغور
ولم يرد الماء الدام إذا بدا ... سنا الصبح في بادي الحواشي منور
ولم يغلب الخصم الضحاح ويملأ ال ... جفان سديفًا يوم نكباء صرصر
ولم يعل بالجرد الجياد يقودها ... بسبرة بين الأشمسات قياصر
وصحراء موماة يحاربها القطا ... قطعت على هول الجنان بمنسر
يقودون قبًا كالسراحين لاحها ... سراهم وسيرًا لراكب المتهجر
فلما بدت أرض العدو سقيتها ... مجاج بقيات المزاد المقبر
ولما أهابوا بالنهاب حويتها ... بخاطي البضيع كرة غير أعسر
يمر ككر الأندري مثابر ... إذا ما ونين مهلب الشد محضر
فألوت عناق طوال وراعها ... صلاصل بيض سابغ وسنور
ألم تر أن العبد يقتل ربه ... فيظهر جد العبد من غير مظهر
قتلتم فتى لا يسقط الروع رمحه ... إذا الخيل جالت في قنا متكسر
فيا توب للهيجا ويا توب للندا ... ويا توب للمستنج المتنور
ألا رب مكروب أجبت ونائل ... بذلت ومعروف لديك ومنكر
وقالت ترثيه:
أقسمت ارثي بعد توبة هالكا ... أحفل لمن دارت عليه الدوائر
لعمرك ما بالموت عار على الفتى ... إذا لم تصبه في الحياة المعاير
وما أحد حي وإن عاش سالما ... بأخلد ممن غيبته المقابر
ومن كان مما يحدث الدهر جازعا ... بلا بد يومًا أن يرى وهو صابر
وليس لذي عيش عن الموت مقصر ... وليس على الأيام والدهر غابر
ولا الحي مما يحدث الدهر معتب ... ولا الميت إن لم يصبر الحي ناشر
وكل شباب أو جديد إلى بلى ... وكل امرئ يومًا إلى الله صائر
وكل قرينى ألفة لتفرق ... شتاتًا وإن ضنا وطال التعاشر
فلا يبعدنك الله حيًا وميتا ... أخا الحرب إن دارت عليك الدوائر
ويروى: