Dur Kamin
Al-Durr al-Kamin bi-Dhayl al-ʿIqd al-Thamin fi Tarikh al-Balad al-Amin
Géneros
وفي أوائل سنة اثنتين وثمانين جمع عسكرا كثيرا جدا واحتفل له احتفالا زائدا ، وتوجه إلى جازان من بلاد اليمن لقبضه على صاحبها. لعله لأمور منها : إكرامه لأخيه علي لما وفد عليه مغاضبا لأخيه ، ثم تعديه من البحر إلى سواكن حتى وصل إلى صاحب مصر. ومنها إيواءه لمن ينفيه من عسكره ومنهم ذوو عمر المقيمين عنده الآن ، فلما وصل إلى جازان حاصرها أياما يسيرة ، وجاءه المشايخ ودخلوا عليه بالصلح فقال لهم السيد محمد : بعد أن جئت إلى هنا فلا بد أن أدخل من باب وأخرج من الثاني ولا أحدث شيئا ، فامتنع صاحب جازان الشريف أبو الغوائر وقال : لا يمكن ذلك أبدا ، وبرز للقتال وصف عسكره للقتال ، فعزم السيد محمد على ملاقاتهم ، فبينما هو يريد الركوب وإذا بأوائل عسكره تلاقي مع عسكر صاحب جازان ، ورمى بعض العسكر نارا في بيوتهم وغالبها عشش الداخل من البلاد والخارج فأرسل الله تعالى ريحا قوية حملت الشرر إلى داخل البلاد فأحرقتها. فلما رأى ذلك عسكر صاحب جازان هربوا من الباب الثاني ، ثم هرب هو وباقي عسكره وخلت البلد منهم ، وحينئذ دخلها العسكر ونهبوها جميعا وأخربوا الحصن وجميع ما فيه ، وكان فيه جملة من المتاع والثياب والكتب ، وأحرق باقي البلد وخرب سورها وجميع ما فيها من الدور خلا المساجد ، وقتلوا كثيرا من الرجال والنساء والولدان صبرا واستأسروا كثيرا من النساء الشرفاء وغيرهم وحملوهم معهم إلى بلدانهم ، وكانت نازلة شنيعة عاد وبالها على أهل مكة ، فإنها أقحطت سنين عديدة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وكانت الكسرة في يوم الخميس سابع ربيع الأول ، ووصل الخبر إلى مكة بذلك في ليلة الأحد سابع عشر ربيع الأول ، ونودي في صبيحتها بزينة مكة سبعة أيام فزينت ، وعاد الشريف هو وعسكره إلى مكة في هذا الشهر أو الذي يليه ، ثم رجع الشريف أبو الغوائر إلى بلده بقطيعة يؤديها في كل سنة لصاحب مكة .
وفي ربيع الثاني وصل قاصده الشريف عنقاء بن وبير من مصر بحرا ، واجتمع هو والقضاة والباش ، وقرئ مرسومه وفيه أن الحاج وصلوا ناشرين داعين على العادة ، ولبس خلعته.
وفي أوائل جماد الآخر وصل ابن شرف قاصد نائب جدة ومعه مرسوم لم يقرأ ، ويقال أن فيه : أن يؤخذ للسلطان نصف العدني ، وأن يحمل الجمال البوني إلى القاهرة بسبب أنه فك ختما كان عمله نائب جدة على مال شخص مات وماله للدولة ، وكان الخبر جاء بذلك قبل هذا فراجع الشريف السلطان في نصف العدني فلم يفد ، بل أمر بضبطه ، ثم راجع نائب جدة السلطان في ذلك مع هذا القاصد فجاءه الخبر معه بالأخذ فأخذه.
Página 117