327

Durr Farid

الدر الفريد وبيت القصيد

Editor

الدكتور كامل سلمان الجبوري

Editorial

دار الكتب العلمية

Edición

الأولى

Año de publicación

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

Ubicación del editor

بيروت - لبنان

Géneros

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= سَيْقِيْرُوْن بن أَسْفَنْدِيَار وَكَانَ شُجَاعًا ذَا عَقْلٍ وَحَزْمٍ وَرَأْيٍ وَتَدْبِيْرٍ. كَتَبَ إِلَى المَنْصُوْرِ حِيْنَ اسْتَوْحَشَ مِنْهُ:
إمَّا بَعْدُ: فَقَدْ كَنْتُ مَا اتَّخَذْتُ أَخَاكَ إِمَامًا وَجَعَلتهُ عَلَى الدِّيْنِ دَلِيْلًا لِقَرَابَتِهِ وَلِلَوَصِيَّةِ الَّتِي زَعَمَ أَنَّهَا صَارَتْ إِلَيْهِ فَأَوْطَأَنِي عَشْوَاءَ الضَّلَالَةِ وَأَوْهَقَنِي فِي رِبْقَةِ الفِتْنَةِ وَأَمَرَنِي فِي أَنْ آخُذَ بِالظِّنَّةِ وَأَقْتُلَ عَلَى التُّهْمَةِ وَلَا أَقْبَلَ المَعْذِرَةَ فَهَتَكْتُ بِأَمْرِهِ حُرُمَاتٍ حَتَّمَ اللَّهُ صَوْنَهَا وَسفَكْتُ دِمَاءً فَرَضَ اللَّهُ حَقْنَهَا وَزَوَيْتُ الأَمْرَ عَنْ أَهْلِهِ وَوَضَعْتُهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ فَإِنْ يَعْفُ اللَّهُ عَنِّي فَبِفَضْلٍ مِنْهُ وَإِنْ يُعَاقِبُنِي فِيْمَا كَسَبَتْ يَدَايَ وَمَا اللَّهُ بِظَلَّام لِلْعَبِيْدِ. ثُمَّ أَنْسَاهُ اللَّهُ هَذَا القَوْلِ حَتَّى جَاءَ إِلَيْهِ فَقَتَلَهُ.
وَخَطَبَ المَنْصوْرُ النَّاسَ بَعْدَ قتلِ أَبِي مسْلِمٍ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَنْفُرُوا أَطْرَافَ النِّعَمِ بِقِلَّةِ الشُّكْرِ فَتَحِلّ بِكُمْ وَلَا تُسِرُّوا عِشَّ شَيْئًا وَلِسَانِهِ وَصَفَحَاتِ رَحْمِهِ وَطَوَالِعِ نَظَرِهِ وَإِنَّا لَنْ نَجْهَلَ حُقُوْقَكُمْ مَا عَرِفتمْ حَقَّنَا وَلَا نَنْسَى الإِحْسَانَ إِلَيْكُمْ مَا ذَكَرْتُمْ فَضْلَنَا وَمَنْ نَازَعَنَا هَذَا القَمِيْصَ أَوْطَأْنَا أُمَّ رَأْسِهِ جَنِيْنَ هَذَا الغِمْدِ وَإنَّ أَبَا مُسْلِمٍ بَايَعَ لنَا عَلَى أَنَّهُ مَنْ نَكَثَ بَيْعَتَنَا وَأَضْمَرَ غِشًّا لَنَا فَقَدْ أَبَاحَنَا دَمَهُ ثُمَّ نَكَثَ وَغَدَرَ وَفَجَرَ وَكَفَرَ فَحَكَمْنَا عَلَيْهِ لأَنْفُسِنَا حُكْمَهُ عَلَى غَيْرِهِ لنَا وَالسَّلَامَ.
وَيُرْوَى أَنَّهُ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَخْرِجُوا مِنْ أُنْسِ الطَّاعَةِ إِلَى وَحِشَةِ المُعْصيَةِ وَلَا تَمْشُوا فِي ظُلْمَةِ البَاطِلِ بَعْدَ سَعْيِكُمْ فِي ضِيَاءِ الحَقِّ إِنَّ أَبَا مُسْلِمٍ أَحْسَنَ مُبْتَدِئًا وَأَسَاءَ مُعْقَبًا فَأَخَذَ مِنَ النَّاسِ بِنَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَانَا وَرَجَحَ قَبِيْحُ بَاطِنِهِ عَلَى حُسْنِ ظَاهِرِهِ وَعَلِمْنَا مِنْ خُبْثِ نِيَّتِهِ وَفَسَادِ سَرِيْرَتهِ مَا لَوْ عَلِمَهُ اللَّائِمُ لنَا فِيْهِ لَعَذَرَنَا فِي قتلِهِ وَعَنَّفَنَا فِي إمْهَالِهِ وَمَا زَالَ يَنْقُضُ بَيْعَةً وَيَخْفِرُ ذِمَّةً حَتَّى أَحَلَّ لنَا عُقُوْبَتِهِ وَأَبَاحَنَا دَمِهِ فَحَكَمْنَا فِيْهِ حُكْمَهُ فِي غَيْرِهِ وَلَمْ يَمْنَعَنَا الحَقُّ لَهُ مِنْ إِمْضَاءِ الحَقِّ فِيْهِ وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيّ:
فَمَنْ أَطَاعَكَ فَانْفَعْهُ بِطَاعَتِهِ ... كَمَا أَطَاعَكَ وَاد للَّهِ عَلَى الرَّشَدِ
وَمَنْ عَصَاكَ فَعَاقِبْهُ مُعَاقَبَةً ... تَنْهَى الظَّلُوْمَ وَلَا تَقْعِدْ عَلَى ضَمَدِ
ثُمَّ نَزَلَ.

1 / 329