Duroos Sheikh Omar Al-Ashqar
دروس الشيخ عمر الأشقر
Géneros
الاغترار بالعلم وبالعبادة طريق الانحراف عن المنهج الرباني
في عهد الرسول ﷺ اغتر بعض الناس بعلمهم، وتصوروا أن محمدًا ﷺ ممكن أن يضل السبيل، فيحتاج إلى تقويم وهو رسول الله ﷺ، فالرسول ﷺ أخبر بأن تلك الطائفة منبع الضلال، وحذر الأمة من أن تسلك سبيلها.
(جاءت الرسول ﷺ قطعة من ذهب أرسلها علي بن أبي طالب من اليمن حين كان واليًا عليها، فقسمها الرسول ﷺ بين أربعة من زعماء قبائل العرب، فتكلم الأنصار وبعض من قريش، قالوا: يعطي أجلاف العرب وسيوفنا تقطر من دمائهم، فأخذوا في أنفسهم، فاعتذر الرسول ﷺ وقال: إنما أقسمها أتألفهم بها) أي: والله لا لمكانة في قلبي لهؤلاء، وإنما المكانة والمحبة للسابقين من المهاجرين والأنصار.
فالرسول ﷺ كان يتألف هؤلاء بالمال ليقربهم إلى الإسلام ويحببهم بالإسلام.
(جاء رجل ناتئ الجبين غائر العينين كث اللحية، فوقف على الرسول ﷺ وقال: يا محمد، اعدل.
قال: ويحك ومن يعدل إذا لم أعدل، ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء؟) أي: ائتمنني الله على وحيه ودينه ولا تأمنوني على قطعة من ذهب لا أحتاجها لنفسي، وإنما أنفقها في طاعة الله لمصلحة الإسلام والمسلمين (فيقول عمر بن الخطاب: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق، فيقول: لا، حتى لا تتحدث العرب بأن محمدًا يقتل أصحابه، ويقوم خالد بن الوليد ويقول: يا رسول الله، دعني فلأضرب عنقه، قال: لعله يصلي، قال: وكم من مصل يقول ما ليس في قلبه، قال: لم أؤمر بأن أشق عن قلوب الناس، ثم قال الرسول ﷺ: يخرج من ضئضئ هذا - وفي بعض الروايات- من أصحاب هذا أقوام تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وقراءتكم مع قراءتهم، وصيامكم مع صيامهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية).
وفي حادثة أخرى أخبر الرسول ﷺ عن الخوارج بقوله: (سيكون أقوام حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يخرجون أو ينسلون من الدين كما يخرج السهم من الرمية) فهؤلاء قوم تطاولوا على محمد ﷺ، واعتبروا عمله ظلمًا يحتاج إلى تقويم، غرور وطيش وسفه في العقل، فالرسول ﷺ يحذر من أمثال هؤلاء.
وأول فرقة نشأت من أمثال هؤلاء شكلت تيارًا ضالًا منحرفًا في حياة الأمة الإسلامية - عندما خرجوا في عهد علي بن أبي طالب وسموا بالخوارج- فكفروا المسلمين بالمعاصي والذنوب، واستباحوا دماء المسلمين، وأمّنوا الكافرين، فكان الكافر يأتيهم فيؤمنونه، أما المسلم إذا لم يعترف بهم، ولم يقر على نفسه بالكفر، وعلى علي بن أبي طالب والصحابة بالكفر عند ذلك يسفكون دمه ويأخذون ماله، فلم يكونوا مشركين كفارًا، فقد كانوا يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويصلون صلاة لا يصليها كثير من المسلمين، ويصومون صومًا طويلًا، في الحروب شجعان لا يخافون ولا يفرون، يبذلون المال، ولكن كان عندهم ضلال فكري.
8 / 3