Las Perlas en la Condensación de las Campañas y Biografías

Ibn Abd al-Barr d. 463 AH
81

Las Perlas en la Condensación de las Campañas y Biografías

الدرر في اختصار المغازي والسير

Investigador

الدكتور شوقي ضيف

Editorial

دار المعارف

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٤٠٣ هـ

Ubicación del editor

القاهرة

وَهُوَ لَا يُهَيِّجُهَا ثُمَّ الْتَفَتَتْ [خَلْفَهَا] فَكَرَّتْ إِلَى مَكَانِهَا وَبَرَكَتْ فِيهِ وَاسْتَقَرَّتْ، فَنَزَلَ عَنْهَا* صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَسَلَّمَ] . وَقد قيل إِنَّ جُبَارَ بْنَ صَخْرٍ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ، وَكَانَ مِنْ صَالِحِي الْمُسْلِمِينَ، جَعَلَ يَنْخُسُهَا مُنَافَسَةً عَلَى بَنِي النَّجَّارِ فِي نُزُولِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عِنْدَهُمْ، فَانْتَهَرَهُ أَبُو أَيُّوبَ عَلَى ذَلِكَ وَأَوْعَدَهُ. فَلَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ نَاقَتِهِ أَخَذَ أَبُو أَيُّوبَ رَحْلَهُ، فَحَمَلَهُ إِلَى دَارِهِ. وَنَزَلَ ﷺ دَارَ أَبِي أَيُّوبَ فِي بَيْتٍ مِنْهَا: عِلْيَتُهُ١ مَسْكَنُ أَبِي أَيُّوبَ. وَكَانَ أَبُو أَيُّوبَ قَدْ أَرَادَ أَنْ يَنْزِلَ لَهُ عَنْ ذَلِكَ الْمَسْكَنِ وسكنه فِيهِ، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ سَقَطَ شَيْءٌ مِنْ مَاء أَو غُبَار على رَسُول الله فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ، فَنَزَلَ أَبُو أَيُّوبَ وَأَقْسَمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَأَبْدَى الرَّغْبَةَ لَهُ لَيَطْلُعَنَّ إِلَى مَنْزِلِهِ وَيَهْبِطُ أَبُو أَيُّوبَ عَنْهُ. فَفَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَاكِنًا عِنْدَ أَبِي أَيُّوبَ حَتَّى بَنَى مَسْجِدَهُ٢، وَحُجَرَهُ وَمَنَازِلَ أَزْوَاجِهِ. ثُمَّ انْتَقَلَ عَنْهُ إِلَى مَا بَنَى فِي ذَلِكَ الْمِرْبَدِ. وَكَانَ رَسُول اللَّه ﷺ قَدْ سَأَلَ عَنْهُ فَقِيلَ هُوَ لِغُلامَيْنِ، فَأَرَادَ شِرَاءَهُ، فَأَبَتْ بَنُو النَّجَّارِ مِنْ بَيْعِهِ، وَبَذَلُوهُ لِلَّهِ، وَعَاوَضُوا الْيَتِيمَيْنِ بِمَا هُوَ أَفْضَلُ. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَبَى أَنْ يَأْخُذَهُ إِلا بِثمن، وَالله أعلم**.

* قلت: الْحِكْمَة الْبَالِغَة من الله ﷿ فِي إِحَالَة الْأَمر على النَّاقة أَن يكون تَخْصِيصه ﵇ لمن خصّه الله بالنزول عِنْده آيَة ومعجزة تطيب بهَا النُّفُوس وَتذهب مَعهَا المنافسة، وَلَا يحيك ذَلِك فِي صدر أحد مِنْهُم شَيْئا. وَالله أعلم. ١ وَاضح من السِّيَاق أَن الرَّسُول لما نزل فِي بَيت أبي أَيُّوب نزل فِي السّفل وَبَقِي أَبُو أَيُّوب مَعَ زوجه فِي الْعُلُوّ، حَتَّى إِذا سقط المَاء أَو الْغُبَار على الرَّسُول فزع أَبُو أَيُّوب وظل يتوسل إِلَيْهِ أَن ينزل مَعَ زوجه إِلَى السّفل ويصعد الرَّسُول مَعَ أَهله إِلَى الْعُلُوّ حَتَّى أَجَابَهُ. ٢ وَيُقَال إِنَّه مكث فِي دَار أبي أَيُّوب سَبْعَة أشهر. ** قلت: فِيهِ مَا يدل على جَوَاز بيع عقار الْيَتِيم وَإِن لم يكن مُحْتَاجا للنَّفَقَة، إِذا كَانَ فِي البيع مصلحَة، إِمَّا للتعويض بِمَا هُوَ أولى، وَإِمَّا أَن تَدْعُو حَاجَة الْمُسلمين إِلَى ذَلِك لبِنَاء مَسْجِد أَو سور وَنَحْوه. فَتَأَمّله. ونبش قُبُور الْمُشْركين وتعويض الأَرْض عَنْهُم بتعبدات الْمُسلمين وبركاتهم أصل فِي جعل الْكَنَائِس المفتتحة مَسَاجِد وجوامع. وَهِي سنة الْمُسلمين فِيمَا يفتحونه من الْبِلَاد. وَفِيه دَلِيل على طَهَارَة الْمَقَابِر الدواثر. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

1 / 87