Las Perlas en la Condensación de las Campañas y Biografías
الدرر في اختصار المغازي والسير
Investigador
الدكتور شوقي ضيف
Editorial
دار المعارف
Número de edición
الثانية
Año de publicación
١٤٠٣ هـ
Ubicación del editor
القاهرة
شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي قُرَادَةَ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ١: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: "إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَقْرَأَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ، فَلْيَقُمْ مَعِي رَجُلٌ لَيْسَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ غِشٍّ" قَالَ: فَقُمْتُ وَمَعِي إِدَاوَةٌ، وفيهَا نبيد قَالَ: فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَمَضَيْتُ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ، فَخَطَّ عَلَيَّ خِطَّةً، ثُمَّ قَالَ: "إِنْ خَرَجْتَ مِنْهَا لَمْ تَرَنِي وَلَمْ أَرَكَ". قَالَ: وَمَضَى حَتَّى تَوَارَى عَنِّي، فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ جَاءَ فَوَجَدَنِي قَائِمًا، فَقَالَ: "مَا شَأْنُكَ قَائِمًا؟ " قُلْتُ: خَشِيتُ أَنْ لَا تَرَانِي وَلا أَرَاكَ أَبَدًا. قَالَ: "مَا ضَرَّكَ لَوْ قَعَدْتَ" وَقَالَ: "مَا هَذَا مَعَكَ؟ " قُلْتُ: نَبِيذٌ. قَالَ: "هَاتِ، ثَمَرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ" فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، وَقُمْتُ مَعَهُ وَخَلْفَهُ رَجُلانِ مِنَ الْجِنِّ. فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ أَقْبَلا عَلَيْهِ يَسْأَلانِهِ فَقَالَ: "مَا شَأْنُكُمَا؟ أَلَمْ أَقْضِ لَكُمَا وَلِقَوْمِكُمَا حَوَائِجَكُمْ؟ " ٢ قَالا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَدْنَا أَنْ يَشْهَدَ مَعَكَ الصَّلاةَ بَعْضُنَا، فَقَالَ: "فَمَنْ أَنْتُمَا؟ " قَالا: مِنْ أَهْلِ نَصِيبِينَ، قَالَ: "أَفْلَحَ هَذَانِ وأفلح قومهما". ثُمَّ سَأَلا الْمُبَاحَ، فَقَالَ: $"الْعَظْمُ مُبَاحٌ لَكُمْ، وَالرَّوَثُ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ". قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: وَإِنَّهُمَا لَيَجِدَانِهِمَا أَعْظَمَ مَا كَانَ وَأَطْرَاهُ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ ﵁: هَذَا الْخَبَرُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مُتَوَاتِرٌ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى حِسَانٍ كُلِّهَا إِلا حَدِيثَ أَبِي زَيْدٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ، فَإِنَّ أَبَا زيد مَجْهُول لَا يعرف فِي أَصْحَاب ابْن مَسْعُود٣ وَيَكْفِي من ذكر الْجِنّ مَا فِي سُورَة الرَّحْمَن وَسورَة ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ﴾ وَمَا جَاءَ فِي الْأَحْقَاف: قَوْله: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنّ يَسْتَمِعُون الْقُرْآن ...﴾ الْآيَات. وَفِي خبر عَلْقَمَة عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: وددت أَن أكون مَعَه لَيْلَة
_________
١ روى ابْن سيد النَّاس هَذَا الحَدِيث بِلَفْظ مقارب، انْظُر ١/ ١٣٧ وراجع فِيهِ سنَن أبي دَاوُد "طبعة لكهنو سنة ١٣٠٥" ١/ ١٢.
٢ هَكَذَا فِي ر، وَفِي الأَصْل: بِحكم.
٣ روى الزَّمَخْشَرِيّ الحَدِيث الأول عَن ابْن مَسْعُود وَذكر عَن سعيد بن جُبَير أَنه قَالَ: مَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ على الْجِنّ وَلَا رَآهُمْ. وَإِنَّمَا كَانَ يَتْلُو فِي صلَاته، فَمروا بِهِ، فوقفوا مُسْتَمِعِينَ وَهُوَ لَا يشْعر، فَأَنْبَأَهُ الله بِاسْتِمَاعِهِمْ. انْظُر تَفْسِير الزَّمَخْشَرِيّ فِي سُورَة الْأَحْقَاف "طبعة المطبعة الْكُبْرَى الأميرية سنة ١٣١٩ هـ" ٣/ ١٠٢ وَيُؤَيِّدهُ -كَمَا لاحظ ابْن عبد الْبر- ظَاهر آيَة ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نفر من الْجِنّ﴾ وآيات الْأَحْقَاف، أما مَا يُشِير إِلَيْهِ من سُورَة الرَّحْمَن فَهُوَ مَا جَاءَ فِيهَا مِمَّا يدل على أَن الْجِنّ مكلفون وَأَنَّهُمْ يثابون على أَعْمَالهم، وسيعرض لذَلِك الْمُعَلق على الْكتاب عَمَّا قَلِيل.
1 / 60