Las Perlas en la Condensación de las Campañas y Biografías

Ibn Abd al-Barr d. 463 AH
215

Las Perlas en la Condensación de las Campañas y Biografías

الدرر في اختصار المغازي والسير

Investigador

الدكتور شوقي ضيف

Editorial

دار المعارف

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٤٠٣ هـ

Ubicación del editor

القاهرة

وتوقعت الْأَنْصَار أَن يبْقى النَّبِي ﵇ بِمَكَّة، فَأخْبرهُم أَن الْمحيا محياهم وَأَن الْمَمَات مماتهم. وَمر ﵇ بفضالة بْن عُمَيْر بْن الملوح اللَّيْثِيّ، وَهُوَ عازم على الفتك برَسُول اللَّه ﷺ، فَقَالَ لَهُ: "مَا تحدث بِهِ نَفسك؟ " قَالَ: لَا شَيْء كنت أذكر اللَّه ﷿، فَضَحِك النَّبِي ﵇، وَقَالَ: "أسْتَغْفر اللَّه لَك" وَوضع يَده ﵇ على صدر فضَالة، فَكَانَ فضَالة يَقُول: وَالله مَا رفع يَده عَن صَدْرِي حَتَّى مَا أجد على ظهر الأَرْض أحب إِلَيّ مِنْهُ. وهرب صَفْوَان بْن أُميَّة إِلَى الْيمن، فَاتبعهُ عُمَيْر بْن وهب الجُمَحِي بتأمين رَسُول اللَّه ﷺ [إِيَّاه فَرجع] فَأكْرمه رَسُول اللَّه ﷺ، وَقَالَ لَهُ: "انْزِلْ١ يَا أَبَا وهب" فَقَالَ: إِن هَذَا يُخْبِرنِي عَنْك أَنَّك تمهلني شَهْرَيْن، قَالَ: "بل لَك أَرْبَعَة أشهر". وهرب ابْن الزبعري٢ الشَّاعِر إِلَى نَجْرَان ثمَّ رَجَعَ، فَأسلم. وهرب هُبَيْرَة بْن أبي وهب المَخْزُومِي زوج أم هَانِيء بنت أبي طَالب إِلَى الْيمن٣، فَمَاتَ هُنَاكَ كَافِرًا. ثمَّ بعث رَسُولُ اللَّهِ ﷺ السَّرَايَا حول مَكَّة يَدْعُو إِلَى الْإِسْلَام، وَلم يَأْمُرهُم٤ بِقِتَال. وَكَانَ أحد أُمَرَاء تِلْكَ السَّرَايَا: خَالِد بْن الْوَلِيد خرج إِلَى بني جذيمة بْن عَامر بْن عَبْد مَنَاة بْن كنَانَة، فَقتل مِنْهُم وسبا، وَقد كَانُوا أَسْلمُوا وَلم يقبل خَالِد قَوْلهم وإقرارهم بِالْإِسْلَامِ، فوداهم٥ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، بَعَثَ عَليّ بْن أبي طَالب ﵁ بِمَال إِلَيْهِم، فودى لَهُم جَمِيع قتلاهم ورد إِلَيْهِم مَا أَخذ مِنْهُم وَقَالَ لَهُم عَليّ: انْظُرُوا إِن فقدتم عقَالًا٦ لأدينه، فَبِهَذَا أَمرنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. وَرفع رَسُول اللَّه ﷺ يَدَيْهِ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأ إِلَيْك من صنع خَالِد". ثمَّ بعث رَسُول اللَّهِ ﷺ خَالِد بْن الْوَلِيد إِلَى الْعُزَّى وَكَانَ بَيْتا٧ بنخلة تعظمه قُرَيْش وكنانة وَجَمِيع مُضر، وَكَانَ سدنته بَنو شَيبَان من بني سليم حلفاء بني هَاشم، فهدمه. وَكَانَ فتح مَكَّة لعشر بَقينَ من رَمَضَان سنة ثَمَان من الْهِجْرَة.

١ وَكَانَ لَا يزَال رَاكِبًا رَاحِلَته وَقد ناداه بكنيته تلطفا. وَقد أسلم بعد موقعة حنين أَي بعد شهر وَحسن إِسْلَامه. ٢ أشعر قُرَيْش وَكَانَ من أَشدّهَا إِيذَاء للرسول بِشعرِهِ، وَقد مضى بعد إِسْلَامه ينْسَخ شعره الْقَدِيم بأشعار كَثِيرَة يمدح بهَا الرَّسُول وهديه الْكَرِيم. ٣ وَقيل إِلَى نَجْرَان. ٤ فِي بعض المصادر: وَأمرهمْ بِقِتَال من قَاتل. ٥ وداهم: دفع دياتهم. ٦ العقال هُنَا: الْبَعِير. ٧ بَيْتا: أَي كعبة. نَخْلَة: على الطَّرِيق من مَكَّة إِلَى الطَّائِف وَبَينهَا وَبَين مَكَّة مسير لَيْلَة.

1 / 222