Las Perlas en la Condensación de las Campañas y Biografías
الدرر في اختصار المغازي والسير
Investigador
الدكتور شوقي ضيف
Editorial
دار المعارف
Número de edición
الثانية
Año de publicación
١٤٠٣ هـ
Ubicación del editor
القاهرة
لَهُ ونطيع، أَو أَمر تَصنعهُ لنا؟ قَالَ: "بل أَمر أصنعه لكم، وَالله مَا أصنعه إِلَّا لأنني ١ قد رَأَيْت الْعَرَب قد رمتكم عَن قَوس وَاحِدَة". فَقَالَ لَهُ سعد بْن معَاذ: يَا رَسُول اللَّه، وَالله لقد كُنَّا نَحن وَهَؤُلَاء الْقَوْم على الشّرك بِاللَّه وَعبادَة الْأَوْثَان لَا نعْبد اللَّهَ وَلَا نعرفه وَمَا طمعوا قطّ بِأَن ينالوا منا ثَمَرَة إِلَّا بشرَاء أَو قرى٢، فحين أكرمنا اللَّه بِالْإِسْلَامِ وهدانا لَهُ وأعزنا بك نعطيهم أَمْوَالنَا، وَالله لَا نعطيهم إِلَّا السَّيْف حَتَّى يحكم اللَّه بَيْننَا وَبينهمْ. فسر رَسُول اللَّه ﷺ بذلك، وَقَالَ لَهُم: "أَنْتُم وَذَاكَ". وَقَالَ لعيينة والْحَارث: "انصرفا، فَلَيْسَ لكم عندنَا إِلَّا السَّيْف". وَتَنَاول الصَّحِيفَة٣ وَلَيْسَ فِيهَا شَهَادَة فمحاها.
فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ والمسلمون على حَالهم وَالْمُشْرِكُونَ يحاصرونهم وَلَا قتال مِنْهُم إِلَّا أَن فوارس من قُرَيْش مِنْهُم عَمْرو بْن عَبْد ود العامري من بني عَامر بْن لؤَي، وَعِكْرِمَة بْن أبي جهل، وهبيرة بْن أبي وهب، وَضِرَار بْن الْخطاب الفِهري وَكَانُوا فرسَان قُرَيْش وشجعانهم أَقبلُوا حَتَّى وقفُوا على الخَنْدَق. فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: إِن هَذِه المكيدة مَا كَانَت الْعَرَب تكيدها٤، ثمَّ تيمموا٥ مَكَانا ضيقا من الخَنْدَق [فَضربُوا٦ خيلهم فَاقْتَحَمت مِنْهُ] وصاروا بَين الخَنْدَق وَبَين سلع. وَخرج عَليّ بْن أبي طَالب ﵁ فِي نفر من الْمُسلمين، حَتَّى أخذُوا عَلَيْهِم الثغرة٧ الَّتِي اقتحموا مِنْهَا، وَأَقْبَلت الفرسان نحوهم. وَكَانَ عَمْرو بْن [عَبْد] ود قد أثبتته الْجراح يَوْم بدر، فَلم يشْهد أحدا وَأَرَادَ يَوْم الخَنْدَق أَن يرى مَكَانَهُ. فَلَمَّا وقف هُوَ وخيله نَادَى: [هَل] من مبارز؟ فبرز لَهُ عَليّ بْن أبي طَالب ﵁، وَقَالَ لَهُ: يَا عَمْرو إِنَّك عَاهَدت الله فِيمَا بلغنَا عَنْك أَنَّك لَا تدعى إِلَى إِحْدَى خلتين إِلَّا أخذت إِحْدَاهمَا، قَالَ: نعم، وَقَالَ: إِنِّي أَدْعُوك لله ﷿ وَالْإِسْلَام، قَالَ: لَا حَاجَة لي بذلك. قَالَ: وأدعوك إِلَى البرَاز، قَالَ: يَا بْن أخي وَالله مَا أحب أَن أَقْتلك لما
١ هَكَذَا فِي ابْن هِشَام وَفِي الأَصْل: أنني. ٢ الْقرى: الضِّيَافَة. ٣ هِيَ كتاب كَانَ الرَّسُول وعيينة بن حصن والْحَارث بن عَوْف قد كتبوه ليَكُون عقدا بَينهم وَلَكِن دون شَهَادَة، وَكَأَنَّهُ كَانَ نُسْخَة للمراجعة. ٤ هَكَذَا فِي ابْن هِشَام وَفِي الأَصْل: يكيدونها. ٥ تيمموا: قصدُوا. ٦ زِيَادَة من ابْن هِشَام. ٧ الثغرة: الثلمة الَّتِي اقتحموا مِنْهَا الخَنْدَق.
1 / 174