Las Perlas en la Condensación de las Campañas y Biografías

Ibn Abd al-Barr d. 463 AH
164

Las Perlas en la Condensación de las Campañas y Biografías

الدرر في اختصار المغازي والسير

Investigador

الدكتور شوقي ضيف

Editorial

دار المعارف

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٤٠٣ هـ

Ubicación del editor

القاهرة

فَلَمَّا فرغ١ رَسُول اللَّه ﷺ أَقبلت قُرَيْش فِي نَحْو عشرَة٢ آلَاف بِمن مَعَهم من كنَانَة وَأهل تهَامَة٣. وَأَقْبَلت غطفان بِمن مَعهَا من أهل نجد حَتَّى نزلُوا إِلَى جَانب أحد. وَخرج رَسُول اللَّه ﷺ والمسلمون حَتَّى نزلُوا -بِظهْر٤ سلع- فِي ثَلَاثَة٥ آلَاف، وضربوا عَسْكَرهمْ، وَالْخَنْدَق بَينهم وَبَين الْمُشْركين. وَاسْتعْمل على الْمَدِينَة ابْن أم مَكْتُوم فِي قَول ابْن شهَاب. وَخرج عَدو اللَّه حييّ بْن أَخطب النضري٦ حَتَّى أَتَى كَعْب بْن أَسد الْقرظِيّ وَكَانَ صَاحب عقد بني قُرَيْظَة وَرَئِيسهمْ، وَكَانَ قد وادع رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وعاقده وعاهده. فَلَمَّا سمع كَعْب بْن أَسد بحيي بْن أَخطب أغلق دونه بَاب حصنه، وأبى أَن يفتح لَهُ، فَقَالَ لَهُ: افْتَحْ لي يَا كَعْب بْن أَسد، فَقَالَ: لَا أفتح لَك فَإنَّك رجل مشئوم تَدعُونِي إِلَى خلاف مُحَمَّد وَأَنا عاقدته وعاهدته وَلم أر فِيهِ إِلَّا وَفَاء وصدقا، فلست بناقض مَا بيني وَبَينه. فَقَالَ حييّ: افْتَحْ لي حَتَّى أُكَلِّمك فأنصرف عَنْك، قَالَ: لَا أفعل، قَالَ: إِنَّمَا تخَاف أَن آكل مَعَك جشيشتك٧. فَغَضب كَعْب وَفتح لَهُ، فَقَالَ: هَل إِنَّمَا جئْتُك بعز الدَّهْر، جئْتُك بِقُرَيْش وسادتها وغَطَفَان وقادتها قد تعاقدوا على أَن يستأصلوا مُحَمَّدًا وَمن مَعَه. فَقَالَ لَهُ كَعْب: جئتني وَالله بذل الدَّهْر وبجهام٨ لَا غيث فِيهِ، وَيحك يَا حييّ! دَعْنِي فلست بفاعل مَا تَدعُونِي إِلَيْهِ. فَلم يزل حييّ بكعب يعده ويغره، حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِ وعاهده على خذلان النَّبِي ﷺ وَأَصْحَابه وَأَن يصير مَعَهم، وَقَالَ لَهُ حييّ بن أَخطب: إِن

١ ختلف فِي مُدَّة حفر الخَنْدَق، فَقيل: كمل فِي سِتَّة أَيَّام. وَقيل: فِي بضعَة عشر يَوْمًا، وَقيل: فِي أَرْبَعَة وَعشْرين يَوْمًا. ٢ هَكَذَا فِي رو الأَصْل وَابْن هِشَام، وَفِي بعض المصادر أَن قُريْشًا وَمن مَعهَا من كنَانَة وَأهل تهَامَة كَانُوا أَرْبَعَة آلَاف وَكَانَ مَعَهم ثَلَاثمِائَة فَارس وَألف وَخَمْسمِائة بعير وَأَن جَمِيع من وافى الخَنْدَق من قُرَيْش وغَطَفَان وَالْعرب كَانُوا عشرَة آلَاف. ٣ يُقَال: نزلت قُرَيْش بِمن مَعهَا فِي مُجْتَمع السُّيُول من رومة. ٤ أَي أَنهم نزلُوا بسفحه وَجعلُوا إِلَيْهِ ظُهُورهمْ. ٥ وَقيل: كَانُوا فِي تِسْعمائَة. ٦ هَكَذَا فِي ر وَفِي الأَصْل: النضيري. ٧ الجشيشة: طَعَام يصنع من الجشيش، وَهُوَ الْبر يطحن غليظا. فَإِذا طبخ وَأُلْقِي عَلَيْهِ بعض اللَّحْم أَو التَّمْر فَهُوَ الجشيشة. ٨ بجهام: السَّحَاب غير الممطر، يَبْرق ويرعد وَلَا مَاء فِيهِ.

1 / 171