Las Perlas en la Condensación de las Campañas y Biografías

Ibn Abd al-Barr d. 463 AH
11

Las Perlas en la Condensación de las Campañas y Biografías

الدرر في اختصار المغازي والسير

Investigador

الدكتور شوقي ضيف

Editorial

دار المعارف

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٤٠٣ هـ

Ubicación del editor

القاهرة

ابْن عقبَة وَابْن أبي خَيْثَمَة، وَمن رِوَايَات أساتذته الَّذين سميناهم، فقد استمد مِنْهُم كثيرا من الْأَحَادِيث، وَإِذا عرفنَا أَنه كَانَ من كبار الْحفاظ للْحَدِيث النَّبَوِيّ الَّذين اشتهروا بالدقة والتحري والتثبت، وَأَنه كَانَ حاذقا بِعلم الْأَنْسَاب وَمَعْرِفَة الْأَصْحَاب، وَضبط أسمائهم على وَجههَا الصَّحِيح اتضحت قيمَة هَذِه السِّيرَة. وَهُوَ نَفسه يحدثنا أَنه لم يكتف إزاء كتاب مُوسَى بن عقبَة وسيرة ابْن إِسْحَاق بِرِوَايَة وَاحِدَة، بل اسْتَعَانَ برواياتهما الْمُخْتَلفَة على الْمُقَارنَة والموازنة، وأضاف إِلَى ذَلِك كتابات الْوَاقِدِيّ وَابْن أبي خَيْثَمَة وَرِوَايَات شُيُوخه للْحَدِيث، وَنفذ من كل ذَلِك إِلَى وضع سيرة نبوية وَثِيقَة. وَقد يبتديء بعض فُصُول الْكتاب دون سَنَد، وَكَأَنَّهُ يُورد حِينَئِذٍ مَا اسْتَقر عَلَيْهِ رَأْيه بعد طول النّظر والفحص والمراجعة والمقارنة. ونراه ينثر بعض آراء لَهُ فِي جَوَانِب السِّيرَة، وَهِي آراء علم من أَعْلَام الْفِقْه والْحَدِيث، وَلذَلِك كَانَ لَهَا وَزنهَا الْكَبِير مهما خَالَفت مَا ذاع واشتهر، على نَحْو مَا يَلْقَانَا فِي حَدِيثه عَن أَوَائِل السَّابِقين إِلَى الْإِيمَان بِاللَّه وَرَسُوله، فقد ذكر من بَينهم السيدة عَائِشَة بنت أبي بكر الصّديق، وَقيد ذَلِك بقوله: "وَهِي صَغِيرَة" وَفِي ذَلِك مَا يُخَالف الْمَشْهُور من أَن الرَّسُول ﷺ بنى بهَا فِي الْمَدِينَة وَهِي بنت تسع سِنِين، وَلَا بُد أَنه ثَبت عِنْد ابْن عبد الْبر أَن السيدة عَائِشَة أسلمت فِي أول الْبعْثَة أَي قبل الْهِجْرَة إِلَى الْمَدِينَة بِنَحْوِ ثَلَاث عشرَة سنة، مِمَّا يَقْتَضِي أَن تكون سنّهَا حِين الْبعْثَة خمس سنوات على الْأَقَل حَتَّى يصدق عَلَيْهَا أَنَّهَا كَانَت من أول النَّاس إسلاما، وَيُؤَيّد ذَلِك مَا جَاءَ فِي صَحِيح البُخَارِيّ فِي تَفْسِير سُورَة اقْتَرَبت أَي سُورَة الْقَمَر من قَول السيدة عَائِشَة ﵂" لقد أنزل على مُحَمَّدٍ ﷺ بِمَكَّة -وَإِنِّي لجارية أَلعَب- ﴿بل السَّاعَة موعدهم والساعة أدهى وَأمر﴾ وَهِي من آيَات سُورَة الْقَمَر الَّتِي نزلت فِي السّنة الْخَامِسَة لِلْهِجْرَةِ، وتعبيرها بِأَنَّهَا كَانَت جَارِيَة تلعب يُفِيد أَن عمرها لم يكن يقل حِينَئِذٍ عَن نَحْو عشر سنوات. وَمن ذَلِك أَنه ذهب إِلَى أَن فرض صَوْم رَمَضَان كَانَ فِي السّنة الأولى لِلْهِجْرَةِ، وَالْمَشْهُور أَنه كَانَ على رَأس ثَمَانِيَة عشر شهرا من الْهِجْرَة. وَمن ذَلِك ذَهَابه فِي حَدِيثه عَن مقاسم خَيْبَر وأموالها أَنَّهَا فتحت جَمِيعهَا عنْوَة، وَقد ناقشه فِي ذَلِك ابْن سيد النَّاس مناقشة طَوِيلَة أثبتنا مجملها فِي موضعهَا من الْكتاب. ونراه يتَوَقَّف عِنْد بعض الْأَحَادِيث الَّتِي لم تثبت، ويتهمها، من ذَلِك مَا رُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود من أَحَادِيث عَن إِسْلَام الْجِنّ، وَمَا جَاءَ فِي بَعْضهَا

1 / 13