والحكم الغير الجازم إما راجح، أو مساو، أو مرجوح، فالأول: الظن، والثاني: الشك، والثالث: الوهم، ولمّا كان المقسم هو التصديق، -والتصديق: إما نفس الحكم، أو الحكم جزؤه (١)، فلا ينفك عنه- توجه الاعتراض: بأن الشك: عبارة عن تساوي الطرفين، والوهم: هو الظن المرجوح الذي هو أبعد من الشك، فكيف يجوز تقسيم التصديق إليها ضرورة وجود المقسم في الأقسام؟ وهذا سؤال مشهور.
= وقد استدل كل فريق بأدلة على ما ذهب إليه ليس محل ذكرها هنا، غير أن ما استدل به الإمام الأكبر من الأدلة قد ضعفت من خلال سندها، وبقيت أدلة الجمهور صريحة وصحيحة.
راجع: سنن أبي داود: ١/ ٣٢٧ - ٣٢٨، وسنن الدارقطني: ٢/ ٣٠، ونصب الراية: ٢/ ١٠٨، وبلوغ المرام: ص/٧٦، وتلخيص الحبير: ٢/ ١٦، وطريق الرشد: ص ٦٨ - ٦٩، وشرح النووي على مسلم: ١/ ١٦٩، ٦/ ١٧، وفتح البارى: ٣/ ١٣٠. وانظر الأقوال فيها في كتب الفقه: الأم: ١/ ١٢٥، والمدونة الكبرى: ١/ ١٢٦، وبداية المجتهد: ١/ ٨٩، والمغني لابن قدامة: ٢/ ١٥٩، والمجموع للنووى: ٤/ ١٩، وشرح فتح القديرـ: ١/ ٤٢٣، وكتاب الفقه على المذاهب الأربعة: ١/ ٣٣٥ - ٣٣٦.
(١) ففى قولك -مثلًا-: زيد قائم اشتمل على تصورات أربعة هي: تصور الموضوع، وهو زيد، وتصور المحمول، وهو قائم، وتصور النسبة بينهما، وهو تعلق المحمول بالموضوع، وتصور وقوعها، فالتصور الرابع يسمى: تصديقًا، والثلاثة قبله شروط له، وهذا مذهب الحكماء، ومذهب الإمام الرازى أن التصديق هو التصورات الأربعة، فعلى ما تقدم يكون التصديق بسيطًا على مذهب الحكماء، ومركبًا عند الإمام، والحكم نفس التصديق عند الحكماء، وجزء منه على مذهب الإمام.
راجع: المحصل للرازى: ص /٥، وحاشية الشريف على العضد: ١/ ٨٦، وتشنيف المسامع: ق (١٣/ أ) وشرح السُّلَّم للأخضري: ص/٢٥، وإيضاح المبهم: ص/٦، والمنطق المفيد: ص/ ١٠٥.