وبعد: فإن العلوم على تكثُّر فنونها، وتَشعُّب شجونها أرفع المطالب، وأنفع المآرب.
وعلم أصول الفقه أعلاها شأنًا، وأسناها مكانًا (١)، إذ هو مبنى الفقه الذي به تعبَّد سيد المرسلين، وحث على تحصيله في الكتاب المبين: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ﴾ [التوبة: ١٢٢].
ولعمري إنها منقبة لا يخفى مكانها، ومكرمة يتجلى شأنها، ولقد أكثر السلف والخلف فيه من التصانيف المعتبرة، مطولة ومختصرة، وبذلوا الوسع غايته، وبلغوا الجد نهايته، ثم إني وجدت كتاب "جمع الجوامع"- الذي ألفه العلامة المحقق، والحبر المدقق، قاضى القضاة تاج الملة والدين عبد الوهاب