Amanecer del Islam

Ahmad Amin d. 1373 AH
83

Amanecer del Islam

ضحى الإسلام

Géneros

وقد اشتهر أبو زيد بحفظ الغريب من اللغة والنحو، وتنازع الرياسة الاثنان الآخران، ويظهر أن الأصمعي بحكم عربيته كان يتعصب للعرب، وكان يتشدد فيما يروي، فلا يجيز إلا أصح اللغات، وكان لا يجيب في القرآن، ولا في الحديث خشية الخطأ.

40

وكان لا يقول في شيء برأيه، وكان لا يفسر شعرا فيه هجاء.

41

كأنه كان يرى أن ذلك يمس دينه! وكأنه يرى أن في الهجاء حطا من المهجو أو قبيلته، وفي ذلك مساس بالعربية، وكان يمتاز عن أبي عبيدة بحسن إلقائه، ولطف نغمته. أما أبو عبيدة فيظهر أنه كان أوسع علما، وأكثر ثقافة، يعرف تاريخ الفرس لفارسيته، والثقافة اليهودية ليهودية آبائه، والثقافة الإسلامية لأنه نشأ فيها. ولكنه لم يكن يحسن التعبير كالأصمعي، وكان حر الرأي يفسر القرآن برأيه، فيؤاخذه الأصمعي على ذلك،

42

وليس للعرب حرمة في نفسه؛ إذ ليس بعربي، بل في نفسه الكراهة لهم، فهو يطلق لسانه في هجوهم، وذكر مثالبهم. وقد استغوى الناس بسعة اطلاعه، كما استغوى الناس الأصمعي بفصاحته وحسن بيانه. قال الجاحظ: لم يكن في الأرض خارجي ولا إجماعي أعلم بجميع العلوم من أبي عبيدة.

43

وقالوا: «إن طلبة العلم كانوا إذا أتوا مجلس الأصمعي اشتروا البعر في سوق الدر، وإذا أتوا مجلس أبي عبيدة اشتروا الدر في سوق البعر! لأن الأصمعي كان حسن الإسناد والزخرفة لرديء الأخبار والأشعار حتى يحسن عنده القبيح، وإن الفائدة مع ذلك عنده قليلة. وإن أبا عبيدة كان معه سوء عبارة، مع فوائد كثيرة، وعلوم جمة.»

44

Página desconocida