فابن دحلان لا يحتج بجواز التوسل بالنبي ﷺ وبإخوانه من الأنبياء والمرسلين، ﵈، أحياء وأمواتا - لا يحتج ابن دحلان بجواز هذا إلا ليصل إلى إنفاذ سهامه المسمومة إلى قلوب المسلمين ليزرع فيها جراثيم الشرك التي اقتلعتها دعوة التوحيد التي دعا إليها الشيخ محمد بن عبد الوهاب، تلك الجراثيم التي كانت قد اغتالت مواقع الإيمان من القلوب بالتبرك بأصحاب القبور والتعبد لهم بالنذور، وتقديم القرابين. إن ابن دحلان لا يعنيه من التوسل إلا التوسل بأصحاب القباب، والطواف بأضرحتهم، والتمسح بأركانها، والتضرع والبكاء للمقبورين تحتها.. وذلك ليقف في وجه دعوة التوحيد التي تذهب بمكانته بين العوام، وتقطع موارد كسبه الحرام.
ضلال بعد ضلال:
وإذ يحسب ابن دحلان أنه قد كسب المعركة التي يواجه بها دعوة التوحيد بهذا الدجل، وتلك الشعوذة وبما ساق من نقول فاسدة من كتب المتصوفة والرافضة. وغيرهم - إن ابن دحلان إذ خيل إليه من شعوذته تلك أنه يثبت أركان دولته المنهارة - قد مضى في الشعوذة إلى أبعد غاية حتى غرق، كما غرق فرعون من قبله. وها هو ذا يأتي بنقول من عالم الترهات والأباطيل، ويستملي من خرافات لا يقبلها عقل أي عاقل لم يبلغ حد الجنون والهلوسة - فها هو ذا يأتي بتلك المرويات التي لا تخرج إلا من عالم البله والمجانين. ومن ذلك ما يرويه عن العتبي فيقول: " قال العتبي: كنت جالسا عند قبر رسول الله ﷺ فجاء أعرابي فقال: "السلام عليكم يا رسول الله.. سمعت الله يقول: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ ١.