407

Don't Be Sad

لا تحزن

Editorial

مكتبة العبيكان

Géneros

يومٍ برسولِ اللهِ ﷺ فناداهُ باسمِهِ وصاح به: «يا جُليْبيبُ ألا تتزوَّجُ؟» . قال: يا رسول اللهِ، ومنْ يُزوِّجُني؟ ولا مالٌ ولا جاهٌ؟ ثمَّ مرَّ به أخرى، فقال له مثْل قولهِ الأولِ، وأجاب بنفسِ الجواب، ومرَّ ثالثةً، فأعاد عليه السؤال وأعاد هو الجواب، فقال ﷺ: «يا جليبيبُ، انطلِقْ إلى بيتِ فلانٍ الأنصاريِّ وقُلْ له: رسولُ اللهِ ﷺ يقرئُك السلام، ويطلبُ منك أن تُزوِّجني بِنْتك» .
وهذا الأنصاريَّ منْ بيتٍ شريفٍ وأسرةٍ موقرةٍ، فانطلق جليبيبٌ إلى هذا الأنصاريِّ وطرق عليه الباب وأخبره بما أمره به رسولُ اللهِ ﷺ فقال الأنصاريُّ: على رسول الله ﷺ السلامُ، وكيف أُزوِّجك بنتي يا جليبيبُ ولا مالٌ ولا جاهٌ؟ وتسمعُ زوجتُه الخَبَرَ فتعجبُ وتتساءلُ: جليبيبٌ! لا مالٌ ولا جاهٌ؟ فتسمُع البنتُ المؤمنةُ كلام جليبيبٍ ورسالة الرسولِ ﷺ فتقول لأبويها: أترُدَّانِ طلب رسولِ اللهِ ﷺ، لا والذي نفسي بيدِهِ.
وحصل الزواج المبارك والذُّرِّيَّةُ المباركةُ والبيتُ العامرُ، المؤسَّسُ على تقوى من اللهِ ورضوانٍ، ونادى منادي الجهادِ، وحضر جليبيبُ المعركة، وقتل بيده سبعةً من الكفارِ، ثم قُتل في سبيلِ اللهِ، وتوسد الثرى راضيًا عنْ ربِّه وعنْ رسولِه ﷺ وعنْ مبدئِه الذي مات منْ أجلِهِ، ويتفقَّدُ الرسولُ ﷺ القتلى، فيُخبرُه الناسُ بأسمائِهم، وينسون جليبيبًا في غمرةِ الحديث، لأنهُ ليس لامعًا ولا مشهورًا، ولكنّ الرسول ﷺ يذكُرُ جليبيبًا ولا ينساهُ، ويحفظُ اسمه في الزحامِ ولا يُغفله، ويقولُ: «لكنَّني أفقِدُ جليبيبًا» .
ويجده وقد تدثَّر بالتراب، فينفضُ التراب عن وجهه ويقولُ له: «قَتَلْتَ سبعة ثم قُتِلْت؟ أنت مني وأنا منك، أنت مني وأنا منك، أنت مني وأنا منك» . ويكفي هذا الوسام النبويُّ جليبيبًا عطاءً ومكافأةً وجائزةً.

1 / 433