توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته

Rifaat ibn Fawzi Abdul Muttalib d. Unknown
125

توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته

توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته

Editorial

مكتبة الخنانجي بمصر

Número de edición

الأولى

Géneros

ومما يستدل به على كذب الراوي في هذه الحالة معرفة تاريخ المروي عنه ومولد الراوي والأمكنة التي ارتحل إليها والتي لم يرتحل إليها. وقد قام الأئمة بذلك خير قيام، وتنبهو لذلك غاية التنبه، ومن الأمثلة على ذلك في القرن الثاني الهجري ما قاله عقير بن معدان، يكشف عن أحد الكذابين من هذا النوع: قدم علينا عمر بن موسى حمص، فاجتمعنا إليه في المسجد، فجعل يقول: حدثنا شيخكم الصالح، فلما أكثر قلت: من شيخنا هذا الصالح؟ سمه لنا نعرفه، فقال: خالد بن معدان. قلت له: في أي سنة لقيته؟. قال: لقيته في غزاة أرمينية، وقلت له: اتق الله يا شيخ، لا تكذب، مات خالد بن معدان سنة أربع ومائة، وأنت تزعم أنك لقيته بعد موته بأربع سنين!. وأزيدك أخرى: أنه لم يغز أرمينية قط، كان يغزو الروم ويوضح الإمام سفيان الثوري هذا الاتجاه بقوله: "لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ"، ويقول حفص بن غياث: "إذا اتهمتم الشيخ فحاسبوه بالسنين"١. ٣- ومن صور الكذب أن يكثر الراوي من الروايات التي تخالف الأئمة المعروفين بالصدق والضبط، قيل لشعبة بن الحجاج: من الذي يترك حديثه؟. قال: إذا روى عن المعروفين ما لا يعرفه المعروفون، فأكثر ترك حديثه٢، ويقول الإمام أحمد عن موسى بن عبيدة الربذي: لا يشتغل به، وذلك أنه يروي عن عبد الله بن دينار شيئًا لا يرويه الناس، لا تحل الرواية عندي عن موسى بن عبيدة٣. وقد يكون كل ما خالف فيه الراوي هو شيء من الإسناد، أما المتن فهو واحد من حيث المعنى، وذلك حتى يأخذوا بالحيطة، فالذي يغير في السند ويخالف فيه الثقات يمكنه أن يغير في المتن، ومن هذا ما يقوله يحيى بن سعيد القطان: كلمني السري بن إسماعيل مرة، فسمعته يقول: حدثنا عامر، قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: سمعت النبي ﷺ

١ الكفاية ط مصر ص١٩٣. ٢ المحدث الفاصل "المخطوطة" ص٢٣٧. معرفة علوم الحديث ص٦٣. ٣ الجرح والتعديل مجلد ٤ قسم ١ رقم ٦٨٦.

1 / 137