توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته
توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته
Editorial
مكتبة الخنانجي بمصر
Número de edición
الأولى
Géneros
نقول: لم يتصور أحد من المسلمين قبل الشافعي أو بعده أن عمل الصحابة ومن بعدهم، أو العمل بين الجماعة. والذي يكوِّن العرف يكون على قدم المساواة مع ما ينسب إلى النبي، ﷺ، أو في نفس المنزلة، فضلًا عن أن يكون في منزلة أدنى، أو في وضع شاذ بالنسبة لعمل غيره. والأمر لا يتعدى أن بعض الفقهاء قد وضع بعض المقاييس لتوثيق السنة، وهو الذي جعل الإمام الشافعي يرميهم بترك السنة، وعدم الاعتماد على صحتها من حيث الإسناد.
ولم يكن الشافعي هو الذي أتى بالجديد في ذلك، كما يزعم هذا الرجل، ويتبعه في ذلك بعض الباحثين، فقد كان معه ووراءه وقبله المحدثون جميعًا ينادون بترك هذه المقاييس والاقتصار على صحة الإسناد، ويتهمون مخالفيهم بترك السنة والابتعاد عنها، وهي تهمة كان يفزع منها خصومهم، ويحاولون أن يثبتوا أنهم برآء منها، ولو كان الأمر عندهم كما يصور "شاخت" وأمثاله ما بالوا بهذه التهم، ولما كانت شنيعة في نظرهم ونظر مجتمعهم، ما دام الأخذ بالسنة هو الأمر الشاذ.
وسيثبت لنا هذا البحث في جزء كبير منه، أنهم في الحقيقة كانوا يقدمون سنة النبي، النبي متى صحت عندهم بالمقاييس التي وضعوها، ولا يقدمون عليها إجماعًا أو قولًا أو عملًا، من الصحابة أو من غيرهم.
٧- وغير هذه الإطلاقات قد تطلق السنة في مقابلة البدعة، أي ما يحدثه الناس من قول أو عمل في الدين مما لم يؤثر عنه ﷺ وعن أصحابه، يقول الشاطبي: "فيقال فلان على سنة إذا عمل على وفق ما عمل عليه النبي ﷺ؛ كان ذلك مما نص عليه في الكتاب أو لا ... ويقال فلان على بدعة إذا كان على خلاف ذلك "واعتبر في هذا الإطلاق عمل صاحب الشريعة، وإن كان العمل بمقضى الكتاب١".
٨- وتطلق السنة على النوافل من العبادات غير الفروض، مما نقل
_________
١ الموافقات ٤/ ٢، ٣.
1 / 16