توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته
توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته
Editorial
مكتبة الخنانجي بمصر
Número de edición
الأولى
Géneros
رأى ذلك بعض الناس، وحجتهم في ذلك أن الشرع قد اعتبر عددًا في الشهادة لثبوت العلم على وجه يجب العمل به، فعرفنا أن الأقل من هذا العدد لا يثبت علمًا على هذه الحال، ولهذا وجدنا أبا بكر ﵁ حين شهد عنده المغيرة بن شعبة، ﵁ أن النبي ﷺ، ورث الجدة السدس -قال: ائت بشاهد آخر، فشهد معه محمد بن مسلمة ﵁.. وطلب عمر ﵁ من أبي موسى الأشعري، ﵁ أن يأتي بشاهد آخر عندما روى له خبر الاستئذان، فشهد معه أبو سعيد الخدري ﵁ ... ورفض عمر حديث فاطمة بنت قيس ﵂ قائلًا: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت ... وروى أبو سنان الأشجعي ﵁ خبرًا في مهر المثل، فقال علي كرم الله وجهه: ماذا نصنع بقول أعرابي بوال على عقبه. فاعتبر عدد الشهادة في كل هذا شرطًا في قبول خبر الواحد كما كانوا يعتبرون العدالة في كل.
١٩٣- ويرد على هؤلاء بقوله تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾، وهذا النعت لكل مؤمن، ولا يكون كذلك إلا إذا كان يجب العمل بما يأمر به من المعروف، فاشتراط العدد في الأمر والنهي يكون زيادة على ما في كتاب الله ﷿ ... ويقول السرخسي: إن كل ما رددنا به على المنكرين لحجية خبر الواحد هو رد أيضًا على هؤلاء، وهذا حق؛ لأننا أثبتنا أن خبر الواحد حجة بنقل راو واحد له.
١٩٤- أما الآثار التي ذكروها أدلة على ما يقولون فلا حجة لهم فيها، لأنهم لا يستطيعون أن يثبتوا أنها نقلت إليهم على شرطهم، وهو نقل الاثنين عن الاثنين إلى أن وصلت إليهم. ولا حجة لهم فيها أيضًا إذا سلمنا أنها كذلك، فقد طلب أبو بكر ﵁ شاهدًا آخر من المغيرة، لا لأن ذلك مذهبه، بل لأنه شك في خبره لداع رآه، أو لأنه أخبر أن هذا القضاء من رسول الله ﷺ، كان بمحضر من الجماعة، فأحب أن يتثبت لذلك ... وكذلك عمر طلب من أبي موسى الأشعري أن يأتي بشاهد آخر، لأنه أخبر بما تعم به البلوى، فكان بنبغي أن يعرفه العام
1 / 114