خبا كل شيء فيك لا تسألينه ... لماذا ..؟ ألا يعينك شيء من الأمر
وحتى الروابي فيك باعت جباهها ... وما عرفت ماذا تبيع وما تشري ..!
وحتى عشايا الصيف فيك بلا رؤى ... وحتى أزاهير الربيع بلا عطر
وحتى الدوالي فيك ضاع مصيفها ... وحتى السواقي ضيعت منبع النهر
وحتى أغاني الحب مات حنينها ... وحتى عيون الشعر فيك بلا شعر
أتدرين أن الشمس فوقك لا ترى ... وأن لياليك المريضات لا تسري
سدى تنشدين الفجر في أي مطلع ... وفي ناظريك الفجر أو ليلة القدر
لعيني أم بلقيس
لها أغلى حبيباتي ... بداياتي ... وغاياتي
لها غزوي وإرهاقي ... لها أزهى فتوحاتي
وأسفاري إلى الماضي ... وإبحاري إلى الآتي
لعيني (أم بلقيس) ... فتوحاتي وراياتي
وأنقاضي وأجنحتي ... وأقماري وغيماتي
لها تلويح توديعي ... لها أشواق أو باتي
أشرق وهي قدامي ... أغرب وهي مرآتي
إليها ينتهي روحي ... ومنها تبتدي ذاتي
***
أغني ... وهي أنفاسي ... وأسكت وهي إنصاتي
وأظمأ ... وهي إحراقي ... وأحسو ... وهي كاساتي
أموت وحبها موتي ... وأحيا وهي مأساتي
***
ترويني لظى وهوى ... وأشدو ظامئا : هاتي
فتقصيي كعادتها ... وأتبعها كعاداتي
وأغزل من روايحها ... مجاديفي ومرساتي
هنا وهناك مولاتي ... وأسأل : أين مولاتي ؟
***
أنا فيها وأحملها ... على أكتاف آهاتي
على أشواق أشواقي ... على ذرات ذراتي
وأذوي ... وهي تحملني ... فتنمو في جراحاتي
وأسأل : أين ألقاها ؟ ... فتغلي في صباباتي
وترنو من أسى همسي ... ومن أحزان أوقاتي
ومن صمتي كتمثال ... أشكل وجه نحاتي
وتبدو من شدا غزلي ... ومن ضحكات حلواتي
ومن نظرات جيراني ... ومن لفتات جاراتي
ومن أسمار أجدادي ... ومن هذيان جدتي
ومن أحلام أطفالي ... ومن أطياف أمواتي
***
هنا ميلاد غاليي ... هنا تاريخها العاتي
هنا تمتد عارية ... وراء الغيهب الشاتي
حن إلى الغد الأهى ... فيمضي قبل أن ياتي
صبوة دكتورة الأطفال إني هنا ... من يوم ميلادي بلا مرضعه
Página 162