Diwan
ديوان البوصيري
Géneros
البحر : مديد تام 1
أزمعوا البين وشدوا الركابا
فاطلب الصبر وخل العتابا
2
ودنا التوديع ممن وددنا
أنهم داموا لدينا غضابا
3
فاقر ضيف البين دمعا مذالا
ياأخا الوجدة قلبا مذابا
4
فمن اللائم صبا مشوقا
أن بكى أحبابه والشبابا
5
إنما أغرى بنا الوجد أنا
ما حسبنا لفراق حسابا
6
وعريب جعلوا بالمصلى
كل قلب يوم ساروا نهابا
7
عجبا كيف رضوا أن يحلوا
من قلوب أحرقوها قبابا
8
أضحت الأرض التي جاوروها
يحسد العنبر منها الترابا
9
لاتكذب خبرا أن سلمى
سحبت بالترب ذيلا فطابا
10
وكسته حلل الروض حتى
توجت منها الربا والهضابا
11
Página 1
ابتسمت عن مثل كأس الحميا
نظم الماء عليها حبابا
12
سمتها لثم الثنايا فقالت
إن من دونك سبلا صعابا
13
حرست عقرب صدغي خدي
وحمت حية شعري الرضابا
14
ويح من يطلب من وجنتي ال
ورد أو من شفتي الشرابا
15
حق من كان لهحب سلمى
شغلا أن يستلذ العذابا
16
ولمن يمدح خير البرايا
أن يرى الفقر عطء حسابا
17
وكفاني باتباسثعي طريقا
رغب المختار فيها رغابا
18
كلما أوتيت منها نصيبا
قلت إني قد ملكت النصابا
19
يا حبيبا وشفيعا مطاعا
حسبنا أن إليك الإيابا
20
لم نقل فيك مقال النصارى
إذ أضلوا في المسيح الصوابا
21
Página 2
إنما أنت نذير مبين
أنزل الله عليك الكتابا
22
بلسان عربي بليغ
أفحم العرب فعيت جوابا
23
يطمع الأسماع فيه بيانا
وسنا طبه على العقل يابا
24
حوت الكتب لبابا وقشرا
وهو حاو من اللباب لبابا
25
يجلب الدر إلى سامعيه
كلم لم ير فيه اجتلابا
26
أشرقت أنواره فرأينا الرأ
س رأسا والذنابي ذنابا
27
ورأى الكفار ظلا فضلوا
ويحهم ظنوا السراب الشرابا
28
وإذا لم يصح باعلم ذوق
وجد الشهد من الجهل صابا
29
كيف يهدي الله منهم عنيدا
كلما أبصر حقا تغابى
30
وإذا جئت بآيات صدق
لم تزدهم بك إلا ارتيابا
31
Página 3
أنت سر الله في الخلق والس
ر على العمى أشد احتجابا
32
عاقب ماح محا الله عنك
بك ما نحذر منه العقابا
33
خصه الله بخلق كريم
ودعا الفضل له فاستجابا
34
وله من قاب قوسين ما شر
ف قوسين بذكر وقابا
35
من دنو وشهود وسر
بان عنه كل واش وغابا
36
وعلوم كشفت كل لبس
وجلت عن كل شمس ضبابا
37
لم ينلها باكتساب وفضل الل
ه ماليس ينال اكتسابا
38
وإذا زار حبيب محبا
لاتسل عن زائر كيف آبا
39
كل من تابعه نال منه
نسبا من كل فضل قرابا
40
شرف الأنساب طوبى لأصل
ولفرع حاز منه انتسابا
41
Página 4
دينه الحق فدع ما سواه
وخذ الماء وخل السرابا
42
جعل الزهد له والعطايا
والتقى والبأس والبر دابا
43
أنقذ الهلكى وربى اليتامى
وفدى الأسرى وفك الرقابا
44
بصر العمى فياليت عيني
ملئت من أخمصيه ترابا
45
أسمع الصم فمن لي بسمعي
لو تلقى لفظه المستطابا
46
ودعا الهيجاء فارتاحت الس
مر اهتزازا والسيوف انتدابا
47
تطرب الخيل برقع فتختا
ل إلى الحرب وتعدوا طرابا
48
من عتاق ركبتها كماة
لم يخافوا للمنون ارتكابا
49
كل ندب لو حكى غربه السي
ف لما استصحب سيف قرابا
50
قاطع الأهلين في الله جهرا
لم يخف لوما ولم يخش عتابا
51
Página 5
لم يبال حين يغدو مصيبا
في الوغى أو حين يغدوا مصابا
52
من حماة نصروا الدين حتى
أصبح الإسلام أحمى جنابا
53
رفعوا الإسلام من فوق خيل
أركبت كل عقاب عقابا
54
خضبوا البيض من الهام حمرا
ما تزال البيض تهوى الخضابا
55
لم يريدوا بذكور جلوها
للحروب العون إلا الضرابا
56
أرغم الهادي أنوف الأعادي
برضاهم وأذل الرقابا
57
فأطاعته الملوك اضطرارا
وأجابته الحصون اضطرابا
58
وصناديد قريش سقاها
حتفها سقي اللقاح السقابا
59
حلبوا شطريه في الجود والبأ
س فأحلى وأمر الحلابا
60
Página 6
وجدوا أخلاف أخلاقه في الخص
ب والجدب تعاف الخصابا
61
درها أطيب در فإن أم
كنك الحلب فراع العطابا
62
جيش الجيش وسرى السرايا
ودعا الخيل عقاقا عرابا
63
وهو المنصور بالرعب لو شا
ء لأغنى الرعب عنها ونابا
64
لو ترى الأحزاب طاروا فرارا
خلتهم بين يديه ذبابا
65
أولم تعجب له وهو بحر
كيف يستسقي نداه السحابا
66
كانت الأرض مواتا فأحيا
بالحيا منها الموات انسكابا
67
نزعت عنها من المحل ثوبا
وكستها من رياض ثيابا
68
سيد كيف تأملت معنا
ه رأت عيناك أمرا عجابا
69
من يزره مثقلا بالخطايا
عاد مغفور الخطايا مثابا
70
ذكره في الناس ذكر جميل
قال للكونين طيبا فطابا
71
Página 7
وسع العالم علما وجودا
فدعا كلا وأرضى خطابا
72
فتحلت منه قوم عقودا
وتحلت منه قوم سخابا
73
ليتني كنت فيمن رآه
أتقى عنهالأذى والسبابا
74
يوم نالته بإفك يهود
مثلما استنبح بدر كلابا
75
فادعني حسان مدح وزدني
إنني أحسنت منه المنابا
76
يارسول الله عذرا إذا هب
ت مقاما حقه أن يهابا
77
إنني قمت خطيبا بمدحي
ك ومن يملك منه الخطابا
78
وتراميت به في بحار
مكثرا أمواجها والعبابا
79
بقواف شرعت لأعادي
وجدوها في نفوس حرابا
80
هي أمضى من ظبي البيض حدا
في أعاديك وأنكى ذبابا
81
Página 8
فارضه جهد محب مقل
صانه حبك من أن يعابا
82
شاب ففي الإسلام لكن له في
ك فؤاد حبه لن يشابا
83
يتهنى بالأماني إنه
ه قبل ممات أنابا
84
كلما أوسعه الشيب وعظا
ضيق الخوف عليه الرحابا
85
ضيع الحزم وفيه شباب
وأتى معتذرا حين شابا
86
وغدا من سوء ماقد جناه
نادما يقرع سنا ونابا
87
أفلا أرجو لذنبي شفيعا
مارجاه قط راج فخابا
88
أحمد الهادي الذي كلما جئ
ت إليه مستثيبا أثابا
89
فاعذروا في حب خير البرايا
إن غبطنا أو حسدنا الصحابا
90
إن بدا شمسا وصاروا نجوما
وطمى بحرا وفروا ثغابا
91
Página 9
أقلعت سحب سفنهم سجالا
من علوم ووردنا انصبابا
92
وغدونا بين وجد وفقد
يعظم البشرى به والمصابا
93
وتبارأنا من النصب والرف
ض وأوجبنا لكل جنابا
94
إن قوما رضى الله عنهم
مالنا نلقى عليهم غضابا
95
إنني في حبهم لا أحابي
أحدا قط ومن ذا يحابى
96
صلوات الله تترى عليه
وعليهم طيبات عذابا
97
يفتح الله علينا بها من
جوده والفضل بابا فبابا
98
Página 10
ماانتضى الشرق من الصبح سيفا
وفرى من جنح ليل إهابا
البحر : وافر تام 1
بمدح المصطفى تحيا القلوب
وتغتفر الخطايا والذنوب
2
وأرجو أن أعيش به سعيدا
وألقاه وليس علي حوب
3
نبي كامل الأوصاف تمت
محاسنه فقيل له الحبيب
4
يفرج ذكره الكربات عنا
إذا نزلت بساحتنا الكروب
5
مدائحه تزيد القلب شوقا
إليه كأنها حلي وطيب
6
وأذكره وليل الخطب داج
علي فتنجلي عني الخطوب
7
وصفت شمائلا منه حسانا
فما أدري أمدح أم نسيب
8
ومن لي أن أرى منه محيا
يسر بحسنه القلب الكئيب
9
كأن حديثه زهر نضير
وحامل زهره غصن رطيب
10
ولي طرف لمرآه مشوق
ولي قلب لذكراه طروب
11
Página 11
تبوأ قاب قوسين اختصاصا
ولا واش هناك ولا رقيب
12
مناصبه السنية ليس فيها
لإنسان ولا ملك نصيب
13
رحيب الصدر ضاق الكون عما
تضمن ذلك الصدر الرحيب
14
يجدد في قعود أو قيام
له شوقي المدرس والخطيب
15
على قدر يمد الناس علما
كما يعطيك أدوية طبيب
16
وتستهدي القلوب النور منه
كما استهدى من البحر القليب
17
بدت للناس منه شموس علم
طوالع ما تزول ولا تغيب
18
وألهمنا به التقوى فشقت
لنا عما أكنته الغيوب
19
خلائقه مواهب دون كسب
وشتان المواهب والكسوب
20
مهذبة بنور الله ليست
كأخلاق يهذبها اللبيب
21
Página 12
وآداب النبوة معجزات
فكيف ينالها الرجل الأديب
22
أبين من الطباع دما وفرثا
وجاءت مثل ما جاء الحليب
23
سمعنا الوحي من فيه صريحا
كغادية عزاليها تصوب
24
فلا قول ولا عمل لديها
بفاحشة ولا بهوى مشوب
25
وبالأهواء تختلف المساعي
وتفترق المذاهب والشعوب
26
ولما صار ذاك الغيث سيلا
علاه من الثرى الزبدالغريب
27
فلاتنسب لقول الله ريبا
فما في قول ربك ما يريب
28
فإن تخلق له الأعداء عيبا
فقول العائبين هو المعيب
29
فخالف أمتي موسى وعيسى
فما فيهم لخالقه منيب
30
فقوم منهم فتنوا بعجل
وقوما منهم فتن الصليب
31
Página 13
وأحبار تقول له شبيه
ورهبان تقول له ضريب
32
وإن محمدا لرسول حق
حسيب فينبوته نسيب
33
أمين صادق بر تقي
عليم ماجد هاد وهوب
34
يريك على الرضا والسخط وجها
تروق به البشاشة والقطوب
35
يضيء بوجهه المحراب ليلا
وتظلم في النهار به الحروب
36
تقدم من تقدم من نببي
نماه وهكذا البطل النجيب
37
وصدقه وحكمه صبيا
من الكفار شبان وشيب
38
فلما جاءهم بالحق صدوا
وصد أولئك العجب العجيب
39
شريعته صراط مستقيم
فليس يمسنا فيها لغوب
40
عليك بها فإن لها كتابا
عليه تحسد الحدق القلوب
41
Página 14
ينوب لها عن الكتب المواضي
وليست عنه في حال تنوب
42
ألم تره ينادي بالتحدي
43
عن الحسن البديع به جيوب
44
ودان البدر منشقا إليه
وأفصح ناطقا عير وذيب
45
وجذع النخل حن حنين ثكلى
له فأجابه نعم المجيب
46
وقد سجدت له أغصان سرح
فلم لا يؤمن الظبي الربيب
47
وكم من دعوة في المحل منها
ربت واهتزت الأرض الجديب
48
وروى عسكرا بحليب شاة
فعاودهم به العيش الخصيب
49
ومخبول أتاه فثاب عقل
إليه ولم نخله له يثوب
50
وما ماء تلقى وهو ملح
أجاج طعمه إلا يطيب
51
Página 15
وعين فارقت نظرا فعادت
كما كانت ورد لها السليب
52
وميت مؤذن بفراق روح
أقام وسريت عنه شعوب
53
وثغر معمر عمرا طويلا
توفي وهو منضود شنيب
54
ونخل أثمرت في دون عام
فغار بها على القنو العسيب
55
ووفى منه سلمان ديونا
عليه ما يوفيها جريب
56
وجرد من جريد النخل سيفا
فقيل بذاك للسيف القضيب
57
وهز ثبير عطفيه سرورا
به كالغصن هبته الجنوب
58
ورد الفيل والأحزاب طير
وريح مايطاق لها هبوب
59
وفارس خانها ماء ونار
فغيض الماء وانطفأ اللهيب
60
وقد هز الحسام عليه عاد
بيوم نومه فيه هبوب
61
Página 16
فقام المصطفى بالسيف يسطو
على الساطي به وله وثوب
62
وريع له أبو جهل بفحل
ينوب عن الهزبرله نيوب
63
وشهب أرسلت حرسا فخطت
على طرس الظلام بها شطوب
64
ولم أر معجزات مثل ذكر
إليه كل ذي لب ينيب
65
وما آياته تحصى بعد
فيدرك شأوها مني طلوب
66
طفقت أ ‘ د منها موج بحر
وقطرا غيثه أبدا يصوب
67
يجود سحابهن ولا انقشاع
ويزخر بحرهن ولا نضوب
68
فراقك من بوارقها وميض
وشاقك من جواهرها رسوب
69
هدانا للإله بها نبي
فضائله إذا تحكى ضروب
70
وأخبر تابعيه بغائبات
وليس بكائن عنه مغيب
71
Página 17
ولا كتب الكتاب ولا تلاه
فيلحد في رسالته المريب
72
وقد نالوا على الأمم المواضي
به شرفا فكلهم حسيب
73
وما كأميرنا فيهم أمير
ولا كنقيبنا لهم نقيب
74
كأن عليمنا لهم نبي
لدعوته الخلائق تستجيب
75
وقد كتبت علينا واجبات
أشد عليهم منها الندوب
76
وما تتضاعف الأغلال إلا
إذا قست الرقاب أو القلوب
77
ولما قيل للكفار خشب
تحكم فيهم السيف الخشيب
78
حكوا في ضرب أمثلة حميرا
فواحدنا لألفهم ضروب
79
وما علماؤنا إلا سيوف
مواض لاتفل لها غروب
80
سراة لم يقل منهم سري
ليوم كريهة يوم عصيب
81
Página 18
ولم يفتنهم ماء نمير
من الدنيا ولا مرعى خصيب
82
ولم تغمض لهم ليلا جفون
ولا ألفت مضاجعها جنوب
83
يشوقك منهم كل ابن هيجا
على اللأواء محبوب مهيب
84
له من نقعها طرف كحيل
ومن دم أسدها كف خضيب
85
وتنهال الكتائب حين يهوى
إليها مثل ما انهال الكثيب
86
على طرق القنا للموت منه
إلى مهج العدا أبدا دبيب
87
يقصد في العدا سمر العوالي
فيرجع وهو مسلوب سلوب
88
ذوابل كالعقود لها اطراد
فليس يشوقها إلا التريب
89
يخر لرمحه الرومي أني
تيقن أنه العود الصليب
90
ويخضب سيفه بدم النواصي
مخافة أن يقال به مشيب
91
Página 19
له في الليل دمع ليس يرقا
وقلب ما يغب له وجيب
92
رسول الله دعوة مستقيل
من التقصير خاطره هبوب
93
تعذر في المشيب وكان عيا
وبرد شبابه ضاف قشيب
94
ولا عتب على من قام يجلو
محاسن لا ترى معها عيوب
95
دعاك لكل معضلة ألمت
به ولكل نائبة تنوب
96
وللذنب الذي ضاقت عليه
به الدنيا وجانبها رحيب
97
يراقب منه ما كسبت يداه
فيبكيه كما يبكي الرقوب
98
وأني يهتدي للرشد عاص
لغارب كل معصية ركوب
99
يتوب لسانه عن كل ذنب
ولم ير قلبه منه يتوب
100
تقاضته مواهبك امتداحا
وأولى الناس بالمدح الوهوب
101
Página 20