* تقديم سماحة الشيخ الخليلي للكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبيه الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
وبعد :
فإن العناية بالقرآن الكريم وعلومه أولى اهتمامات هذه الأمة منذ نشأتها , لأنه مصدر هدايتها ونور حياتها , وروح وجودها , أخرجهم الله به من الظلمات إلى النور , ومن الشتات إلى الوحدة, ومن الضعف إلى القوة , ومن الجهل إلى العلم , فكانوا خير أمة أخرجت للناس , ولم يعرف التاريخ كتابا سماويا أو غير سماوي لقي من العناية في حفظه ونقله وتدوينه وتفسيره, ما لقيه القرآن الكريم.
هذا وقد تنوعت اتجاهات المعنيين بتفسيره بحسب تنوع علومه ومنهم من قصر اهتمامه على آيات خاصة في التفسير كآيات الأحكام , وقد سلك هذا المسلك جماعة من العلماء منهم الكيا الهراسي الطبري وابن العربي وابن خويز منداد , وذلك من عنايتهم بالفقه في الشريعة الإسلامية , وممن نحا هذا النحو العلامة المجتهد ( أبو الحواري محمد بن الحواري العماني الإباضي) , قفد اهتم بتفسير آيات الأحكام وهي خمسمائة آية تفسيرا مبسطا في متناول طلاب المعرفة .
وقد قيض الله لهذا الكتاب من خدمه خدمة علمية فخرج أحاديثه وبين غوامضه وحققه تحقيقا علميا وافيا , وهو الأخ الفاضل فضيلة الأستاذ الدكتور " محمد محمد زناتي عبد الرحمن" الأستاذ المساعد للتفسير وعلوم القرآن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية "جامعة الأزهر الشريف" بالقاهرة , فخرج الكتاب لأول مرة إلى عالم المطبوعات بهذه الحلة القشيبة والوجه الوضاء والجلال المهيب .
فإلى طلاب العلم نبعا فياضا من علوم القرآن يروي ظمأهم ويشبع سغبهم , والله يجزل للمؤلف المثوبة في دار الرحمة , ويبارك في حياة المحقق الكريم , ويمن عليه بالتوفيق لكل ما فيه الخير .
أحمد بن حمد الخليلي
(المفتي العام لسلطنة عمان)
مسقط في 12 رمضان 1411ه/
Página 9
1- مقدمة في التعريف بالإيمان وأركانه
هذا كتاب فيه تفسير خمسمائة آية من كتاب الله تبارك وتعالى في الحلال والحرام , وهو كتاب " الدراية وكنز الغناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية " .
وفيها رد الفقيه العالم العلامة أبي الحواري رحمه الله ورضي عنه .
-------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
عن ابن عباس أنه قال : " خمسمائة آية في كتاب الله في الحلال والحرام لا يسع المسلمين إلا أن يعلموا تفسيرهن ويعملوا بهن" يقال : تفسير الإيمان، من آمن بما في القرآن , فقد آمن بجميع ما أمر الله , فذكر الإيمان الإيمان بالقرآن في السورة التي يذكر فيها البقرة .
قوله : { ألم* ذلك الكتاب لا ريب فيه }(البقرة:1 ،2) يقول : لا شك فيه , أنه من الله جاء , ثم قال : القرآن { هدى } يعني : بيانا من الضلالة , { للمتقين } أنه من الله الذين يتقون الكفر, ثم قال: { الذين يؤمنون بالغيب }(البقرة: الآية3) يعني : بغيب القرآن , أنه من الله نزل على محمد صلى الله عليه وسلم . فيحلون حرامه , ويحرمون حرامه , ويعملون بما فيه .
وفي أصل الإيمان الذي في القرآن قوله { ولكن البر من آمن بالله } (البقرة:الآية177) يعني: من صدق بتوحيد الله { واليوم الآخر } يعني : وصدق بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال , أنه كائن { والملائكة } يعني : وصدق بالملائكة أنهم حق . { والكتاب } حق , يعني : وصدق بكل كتاب أنزله الله , أنه حق . { والنبيين } يعني : وصدق بالنبيين كلهم أنهم حق . فهذا من أصل الإيمان .
Página 10
وسألته : فما الإسلام ؟ قال : شهادة أن لا إله إلا الله , وأن محمدا عبده ورسوله , والإقرار بما جاء به الله بالطاعة , قلت : فما الإحسان؟ قال : أن تعمل لله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك { لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير } (الأنعام:103) , وقال: { ليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه }(فاطر:الآية10) .
وذكر ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الصلاة عماد الدين , فمن ترك الصلاة فقد هدم الدين ", فذلك قوله في السورة التي يذكر فيها البقرة { حافظوا على الصلوات }(البقرة:238) المكتوبة في مواقيتها بوضوء تام , ثم قال: { والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين } يعني: مطيعين.
وقوله { واستعينوا بالصبر والصلاة }(البقرة: 45) يعني: استعينوا على طلب الآخرة بالصبر على الفرائض , والصلوات الخمس حافظوا عليها في مواقيتها , نظير فيها { إن الله مع الصابرين }(البقرة:الآية153).
وذكر عن ابن عباس : أن أول صلاة فرضت من الصلوات الخمس , صلاة الأولى , فلذلك سميت الأولى لأنها أول صلاة فرضت .
قال : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة حين زالت الشمس فصلى بالنبي صلاة الأولى , والمسلمون خلف النبي يقتدون به والنبي يقتدي بجبريل . ثم جاء وقت العصر فصلى به العصر, ثم جاء حين غابت الشمس فصلى به المغرب ثلاث ركعات , ثم جاء جبريل حين ذهب بياض النهار وجاء ظلام الليل فصلى به العتمة, وهي العشاء .
ثم جاء حين أنفجر الصبح , فصلى به الصبح ركعتين , وهي صلاة الفجر ./
Página 11
2- تفسير آيات الصلوات الخمس المكتوبة بمواقيتها
تفسير الصلوات الخمس المكتوبة بمواقيتها والتطوع مع الفريضة :
قوله في سورة بني إسرائيل { أقم الصلاة لدلوك الشمس }(الإسراء:78) , يعني : لزوال الشمس , وعن النبي صلى الله عليه وسلم : هي صلاة الأولى والعصر { إلى غسق الليل } يعني : ظلمة الليل , صلاة المغرب والعشاء . { وقرآن الفجر } يعني : صلاة الغداة . { إن قرآن الفجر كان مشهودا } .
وقوله في السورة التي يذكر فيها هود : { وأقم الصلاة طرفي النهار }(هود:الآية114) يعني : صلاة الفجر , وصلاة الأولى وصلاة العصر , { وزلفا من الليل } يعني : صلاة المغرب , وصلاة العشاء.
وفي السورة التي يذكر فيها الروم : { فسبحان الله }(الروم:17) يعني : فصلوا لله, { حين تمسون } يعني : صلاة المغرب , وصلاة العشاء , { وحين تصبحون } يعني: صلاة الغداة , { وعشيا }(الروم:الآية18) يعني : صلاة العصر , { وحين تظهرون } يعني : صلاة الأولى , فهؤلاء الصلوات الخمس المكتوبة خاصة .
تفسير صلاة التطوع مع المكتوبة :
قوله [ في سورة ] { هل أتى على الإنسان }: { واذكر اسم ربك } (الإنسان:25) يعني : إخلاص الصلاة , { بكرة } يعني : صلاة الغداة , { وأصيلا } يعني بالعشي : صلاة الأولى , وصلاة العصر . { ومن الليل فاسجد له} (الانسان:26) يعني : فصل له : يعني : صلاة المغرب والعشاء , ثم ذكر التطوع قال : { وسبحه ليلا طويلا } يعني : سبح الله بليل طويل .
قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ثلاث علي فريضة , وهن عليكم تطوع , قيام الليل , والوتر , والسواك ". والوتر سنة متبعة يكفر من تركها .
Página 12
وقوله في السورة التي يذكر فيها " ق والقرآن المجيد " { وسبح بحمد ربك } (ق: الآية39) يعني : فصل بأمر ربك { قبل طلوع الشمس } صلاة الفجر { وقبل الغروب } يعني : صلاة العصر ، ومثلها { ومن الليل فسبحه } (ق:40) يعني : فصل له صلاة المغرب وصلاة العشاء، ثم ذكر التطوع قال : { وأدبار السجود } يعني : ركعتي صلاة المغرب , ووقتها ما لم يغب الشفق .
وقوله في السورة التي يذكر فيها الطور : { وسبح بحمد ربك } (الطور: الآية48) يعني : فصل بأمر ربك , { حين تقوم } يعني : الصلاة المكتوبة . { ومن الليل فسبحه } يعني : يعني : فصل له صلاة المغرب والعشاء , ثم ركعتي التطوع فقال : { إدبار النجوم } (الطور: الآية49) يعني : ركعتين قبل صلاة الفجر , ووقتهما قبل طلوع الفجر , ثم يكره الكلام والصلاة حتى يصلى المكتوبة .
قال : وأفضل الصلاة , التطوع بالليل , في نصف الليل إلى آخره حتى يطلع الفجر . قال : وأفضل الصلاة بالنهار بين صلاة الأولى والعصر . فذلك قوله في سورة الفرقان: { وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا } (الفرقان:62) يقول: جعل الليل خلفا من النهار من كانت له حاجة أو اشتغل بالنهار فليتعبد بالليل , وجعل النهار خلفا من الليل لمن نام الليل فليتعبد بالنهار . يعني : الذكر لله وصلاة التطوع , ومن صلى التطوع وبجنبه من يصلي فلا يجهر بالقراءة ليغلط على الذي بجنبه , ومن صلى تطوعا قاعدا فلا بأس , أو على دابة وهو يسير حيث ما كان وجهه , وإن كان قبل المشرق والمغرب فلا بأس .
غير أنه إذا أراد أن يحرم صرف وجهه نحو القبلة ثم صلى حيث كان مسيره , هذا للمتطوع والخائف ./
Página 13
3- تفسير آيات الوضوء والاستنجاء والاغتسال والتيمم
تفسير الوضوء :
في سورة المائدة قوله { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة } (المائدة: الآية6) يعني: إذا أردتم أن تقوموا إلى الصلاة . وأنتم على وضوء , فعلمهم كيف يصنعون قال : { فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم } يعني : امسحوا من الماء برءوسكم , قال ابن مسعود : " يكفي مسح الرأس مرة واحدة " .
{ وأرجلكم إلى الكعبين } فيها تقديم , يعني : واغسلوا أرجلكم إلى الكعبين , فهذه الفريضة في الوضوء بالماء , فمن ترك شيئا من هذا الذي ذكره في كتابه فليغسل ذلك الموضع , ولا يعيد الوضوء, ومنهم من يرى أن يعيد إذا يبس كله، فإن ذكر بعدما صلى فليعد ذلك الموضع , ثم يصلي الثانية .
عن جابر بن عبد الله , عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ويل للعراقيب من النار " . يعني : من لم يغسل عرقوبيه في الوضوء , وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" أخبرني جبريل أن ربي أمرني أن أغسل الفنيكة " يغني : طرف اللحى .
تفسير الاستنجاء بالماء :
قوله في سورة براءة: { فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين }(التوبة: الآية108) وذلك أن الأنصار كانوا يستنجون بالماء من غير أن يؤمروا , فأثنى الله عليهم في هذه الآية , فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم , وطائفة منهم في مسجد قباء بالمدينة فقال : يا معشر الأنصار إن الله قد أثنى عليكم في أمر الطهور . فما الذي تصنعون ؟ , قالوا : نمر الماء على أثر البول والغائط . قال : فقرأ عليهم النبي هذه الآية { فيه رجال يحبون أن يتطهروا } يعني: في مسجد قباء رجال يحبون أن يتطهروا , يعني الاستنجاء بالماء . { والله يحب المطهرين } , ففعله النبي بعد ذلك والمسلمون .
Página 14
تفسير الاغتسال من الجنابة :
قوله في السورة التي يذكر فيها المائدة: { وإن كنتم جنبا فاطهروا } (المائدة:الآية6) يعني : إن أصابتكم جنابة فاطهروا , يعني : فاغتسلوا بالماء .
قوله في السورة التي يذكر فيها النساء: { لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } (النساء:الآية43) إلى قوله { ولا جنبا إلا عابري سبيل } يقول : لا تأتوا الصلاة جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا , يقول : لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا فهذا لمن لم يجد الماء وهو صحيح . قوله { إلا عابري سبيل } يعني : على سفر لا يجد الماء فيجزئه التيمم .
عن النبي صلى الله عليه وسلم :" أنه كان يصلي في الثوب الذي يجامع فيه النساء" وكانت عائشة تصلي في الثوب الذي تحيض فيه من غير أن تغسل الثوب , فإن رأت في الثوب دما أو بولا غسلت ذلك الموضع .
تفسير التيمم بالتراب للغسل والوضوء :
قوله في سورة (المائدة: الآية6، والنساء: الآية43): { وإن كنتم مرضى } يعني : جرحا . يقول : من كان مجروحا , والجدري والقروح بمنزلة الجروح , فأصابته جنابة فخشي من شر الماء , وهو يجد الماء فليتيمم بالتراب , ليدع الماء . ثم قال{ أو على سفر } يعني : أو كنتم على سفر وأنتم أصحاء { أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء }(المائدة:الآية6) يعني : أو جامعتم النساء { فلم تجدوا ماء فتيمموا } فتعمدوا { صعيدا } يعني الأرض { طيبا } يعني : حلالا { فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه } وذلك أن يضع أن يضع كفيه على الأرض مرة ثم ينفضهما فيمسح بها وجهه من تلك الضربة الواحدة , ثم يضعهما على الأرض مرة أخرى , ثم ينفضهما فيمسح بهما يديه إلى الكوع , فهذا للوضوء والغسل جميعا .
Página 15
قال { ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج }(المائدة:الآية6) يعني : من ضيق في الدين حين رخص في التيمم فجعله واسعا. { ولكن يريد ليطهركم } يعني : من الأحداث والجنابة والحيض . { وليتم نعمته عليكم } وكانت هذه الرخصة في النعم { لعلكم تشكرون } يعني: لكي تشكروا ربكم في هذه النعمة .
وعن أبي ذر الغفاري، واسمه : جندب بن جنادة , أنه قال : جاء رجل من ربيعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : يا نبي الله , إنا لا نصيب الماء إلا في شهر , ومعنا الأهلون . قال النبي صلى الله عليه وسلم : "الصعيد الطيب ولو إلى سنين " ولا بأس أن يجامع الرجل إمرأته ثم يتيمم ويصلي ./
Página 16
4- تفسير آيات الصلاة بأركانها وسننها وآدابها وأحكامها
تفسير ما أمر الله أن يفعلوا إذا قاموا إلى الصلاة المكتوبة :
قوله في سورة البقرة:
{ وقوموا لله قانتين }(البقرة:الآية238) يعني: وقوموا في الصلاة مطيعين .
وقوله في السورة التي يذكر فيها العنكبوت: { اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة }(العنكبوت:45) يعني : أتم الصلاة. { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء } يعني: المعاصي { والمنكر } يقول: الإنسان ما دام يصلي فهو منتهي عن الفحشاء والمنكر لا يعمل بهما حتى ينصرف { ولذكر الله أكبر } يقول : إذا صليت لله فقد ذكرته فيذكرك الله بخير , ولذكر الله إياك بالخير أفضل من ذكرك إياه بالصلاة . قال { والله يعلم ما تصنعون } .
وقال في السورة التي يذكر فيها المؤمنون: { الذين هم في صلاتهم خاشعون } (المؤمنون:2) يعني: الذين هم في صلاتهم متواضعون ولا يلتفت من الخشوع لله إلى شيء ، وكذلك قوله في سورة الأحزاب: { والخاشعين والخاشعات } (الأحزاب:الآية35) .
تفسير مبتدأ الصلاة والاستعاذة فيها:
قوله في سورة النحل: { فإذا قرأت القرآن }(النحل:98) يعني : قي الصلاة { فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } قال : مفتاح الصلاة الوضوء والتكبير , وتحريمها التكبير الأول , وتحليلها التسليم , فمن ترك التكبيرة الأولى فليس في الصلاة .
فمن أراد أن يكبر التكبيرة الأولى في الصلاة , فليقل في نفسه : سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك , وتعالى جدك , ولا إله غيرك . ثم يكبر , فإذا كبر فليقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم , إن الله هو السميع العليم , بسم الله الرحمن الرحيم , وليجهر بفاتحة الكتاب إن كان في صلاة فيها قراءة .
تفسير القراءة في الصلاة :
Página 17
قوله في سورة الأعراف : { واذكر ربك في نفسك }(الأعراف:205) يعني : بذكر القراءة في الصلاة { تضرعا } يعني : مستكينا في رحمته { وخيفة } يعني: وخوفا من عذابه { ودون الجهر من القول } يقول : واقرأ دون الجهر من القراءة { بالغدو والآصال } يعني : بالغداة والعشي, { ولا تكن من الغافلين } عن القراءة في الصلاة .
وقوله في السورة التي يذكر فيها المزمل { فاقرأوا ما تيسر من القرآن }(المزمل:الآية20) يعني : فاقرءوا في الصلاة ما تيسر منه ولم يوقت , فمن صلى وحده , أو كان إماما فليبدأ بفاتحة الكتاب , ثم يقرأ ما يشاء من القرآن معها في الركعتين الأوليتين , ويقرأ في الركعتين الأخيرتين فاتحة الكتاب وحدها بلا جهر .
تفسير الركوع والسجود في الصلوات :
قوله في سورة الحج { يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا }(الحج:الآية77) يعني: في الصلاة, { واعبدوا ربكم } يعني: يأمرهم في الصلاة وفي كل شيء .
وقوله في السورة التي يذكر فيها الأعراف: { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا }(الأعراف:204) يعني: في الصلاة فاستمعوا له وأنصتوا { لعلكم ترحمون } يعني: لكي ترحموا .
قال : قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الغداة { إذا وقعت الواقعة } فقرأها رجل من خلفه , وجهر بها كما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم , فلما قضى النبي صلاته قال : " أيكم الذي نازعني في السورة" , ونزلت { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون }.
وذكر عن عمر بن الخطاب رحمه الله , أنه كان يستحب القراءة خلف الإمام في كل صلاة بفاتحة القرآن في كل ركعة ، يسبق الإمام في كل ركعة أن استطاع .
Página 18
فإذا كان في صلاة الأولى , وفي صلاة العصر فليقرأ فاتحة القرآن كما يقرأ إذا كان وحده. ومن نسى القراءة خلف الإمام , أو فاته فقد أجزأه قراءة الإمام .
{ وافعلوا الخير }(الحج:الآية77) الذي أمرتم به { لعلكم تفلحون } لكي تفلحوا, فمن فعل بما أمره الله فقد أفلح .
فإذا رفعت رأسك من السجود أقمت صلاتك، وإذا قلت : سمع الله لمن حمده، واستوى الورك مع الرأس في الركوع، ثم تكبر وتخر ساجدا .
تفسير الدعاء والمسألة في آخر الصلاة :
قوله في السورة التي يذكر فيها ألم نشرح: { فإذا فرغت فانصب }(الشرح:7) يقول : إذا فرغت من القراءة والركوع والسجود وأنت جالس وأنت جالس في آخر الصلاة قبل أن تسلم { فانصب }في الدعاء إلى الله وارغب إليه في المسألة./
Página 19
5- تفسير آيات صلوات السفر والخوف والجمعة والجماعة والضحى
تفسير صلاة المسافر وتقصيره :
قوله في السورة التي يذكر فيها النساء: { وإذا ضربتم في الأرض }(النساء:101) يعني: إذا سرتم في الأرض , { فليس عليكم جناح } يعني حرجا , { أن تقصروا من الصلاة } . ما خلا صلاة المغرب فليس فيها تقصير . { إن خفتم أن يفتنكم } يعني: أن يقاتلكم { الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا }.
عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بمكة ثلاث عشرة ليلة يقصر الصلاة , ويقول لأهل مكة : أتموا صلاتكم .
قالوا : وفعل ذلك أيضا عمر بن الخطاب بعد النبي صلى الله عليه وسلم , ثم قال : يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم مسافرون .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين صلاة الأولى وصلاة العصر . وجمع بين المغرب والعشاء في السفر , كان يؤخر صلاة المغرب ويقدم صلاة العشاء فيصليهما جميعا.
قال : ومن كان إماما فليتخفف في تمام الركوع والسجود , فإذا سلم فليدع لأمر الدنيا والآخرة .وأما في التطوع فليدع بما شاء على أي حال كان . وإن كان إماما , إذا سلم فليتحول عن مجلسه من ساعته ويقوم .
تفسير صلاة الخوف :
{ فإذا قضيتم الصلاة }(النساء:103) يعني: صلاة الخوف ,{ فاذكروا الله } باللسان ,{ قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم }يعني : إذا أقمتم في بلادكم , { فأقيموا الصلاة } يعني: فأقيموا الصلاة الكاملة { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } يعني : فريضة مفروضة معلومة , هكذا ينبغي للأئمة أن يفعلوا .
Página 20
وقال: فإن كان الخوف أشد , فذلك في السورة التي يذكر فيها البقرة : يقول { فإن خفتم }(البقرة:239) يعني العدو { فرجالا أو ركبانا } يعني: فصلوا على أرجلكم أو على دوابكم ركعتين حيث كان وجهه , فمن لم يستطع السجود على الأرض فليؤم برأسه أين ما كان على دابة , أو على غير ذلك , يجعل السجود أخفض من الركوع , ولا يضع جبهته على شيء . وقال: { فإذا أمنتم } يعني: من العدو { فاذكروا الله } يعني: إذا قمتم في بلادكم فصلوا لله الصلوات الخمس { كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون }.
تفسير صلاة الجمعة:
قوله في سورة صلاة الجمعة :{ يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة }(الجمعة:9) يعني: صلاة الجمعة , { من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله } يعني : فامضوا إلى الصلاة المكتوبة الركعتين مع الإمام , وهي فريضة واجبة من الله إذا كان الإمام مسلما.
{ وذروا البيع ذلكم } يعني : الصلاة, { خير لكم } من البيع والشراء, { إن كنتم تعلمون * فإذا قضيت الصلاة }(الجمعة:10) يعني : الجمعة, { فانتشروا في الأرض }فهذه رخصة بعد النهي, { وابتغوا من فضل الله } يعني : من رزق الله , فأحل لهم ابتغاء الرزق وتعلم الحلال والحرام , وأداء الحقوق بعد الصلاة .فمن شاء خرج إلى تجارة أو إلى حاجته التي افترض الله عليه { واذكروا الله كثيرا } يعني باللسان { لعلكم تفلحون }.
وعن جابر بن عبد الله الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إلا الصبي , أو مريضا أو مملوكا , أو مسافرا, أو امرأة , فمن استغنى بلهو أو بتجارة أو لغو استغنى الله عنه والله غني حميد".
Página 21
وعن ابن عباس قال:" ومن لم يدرك ركعة مع الإمام حتى جلس الإمام في آخر صلاته , فكبرت فأدركت التشهد قبل أن يسلم الإمام, فصل ركعتين فقد أدركت الجمعة إن شاء الله".
تفسير الصلوات الخمس مع الجماعة :
قوله في السورة التي يذكر فيها الشعراء:
{ الذي يراك حين تقوم }(الشعراء:218) يقول الله لنبي:ه يراك حين تقوم إلى الصلاة وحدك , ثم ذكر صلاته في الجماعة فقال :{ وتقلبك في الساجدين }(الشعراء:219) يعني: يرى ركوعك وسجودك وقيامك في الصلاة مع المصلين في الجماعة , فهذا الذي قال{ وتقلبك في الساجدين } .
وذكروا عن ابن عباس أنه قال : من كان من جيران المسجد فسمع الآذان والإقامة , ولم يأت المسجد للصلاة في الجماعة من غير عذر فقد أحدث .
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" صلاة أحدكم في الجماعة تزيد على صلاته وحده بضعا وعشرين درجة" .
وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" من صلى الفجر في جماعة , ثم جلس في مصلاة لذكر الله , وقراءة القرآن من ذكر الله , والحلال والحرام من ذكر الله , والدعاء من ذكر الله , يفعل ذلك حتى يصلي صلاة الضحى ركعتين أو أربع ركعات , فهو عظيم الأجر , وكان ذلك أسرع إجابة , وأفضل غنما ".
تفسير صلاة الضحى تطوع وليست بفريضة :
قوله في السورة التي يذكر فيها ص:{ إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق }(ص:18) يعني: يذكرون الله مع داود بالعشي والإشراق , حين تشرق الشمس في أول النهار.
قال ابن عباس : ما فطنت لصلاة الضحى فضيلة حتى أتيت على هذه الآية .
وذكروا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" من صلى الضحى حتى تكون الشمس من قبل المشرق , بقدر ما تكون من قبل المغرب وقت صلاة العصر , ركعتين أو أربع ركعات كتبت له الحفظة حسنة", وقال : لن يحافظ على صلاة الضحى إلا من يطلب الخير وهي صلاة الأوابين./
Página 22
6- تفسير آيات تغيير القبلة واستقبالها في الصلاة وبناء المساجد والذكر فيها
تفسير القبلة وما نسخ من قبلة بيت المقدس :
قوله في السورة التي يذكر فيها البقرة :
{ ولله المشرق والمغرب }(البقرة:115) وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم , لما هاجر إلى المدينة, أمره الله أن يصلي نحو بيت المقدس , لئلا يكذب به اليهود إذا صلى إلى قبلتهم , مع ما يجدون من نعته في التوراة , فصلى النبي واصحابه أول ما قدموا المدينة تسعة عشر شهرا نحو بيت المقدس , فخرج أناس من المسلمين قبل المشرق , ومنهم من صلى المغرب , ثم استبان لهم القبلة, فلما قدموا المدينة سألوا النبي عنذلك فنزلت فيهم { ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله } يعني: أينما تحولوا وجوهكم في الصلاة فثم وجه الله , { إن الله واسع عليم } .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل: " وددت إن ربي صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها " يعني : قبلة آبائه إبراهيم وإسماعيل , فقال جبريل : إنما أنا عبد مثلك مأمور , فسل ربك ذلك , وصعد جبريل إلى السماء وجعل النبي يديم النظر إلى السماء , رجاء أن يأتيه جبريل بما سأل الله , فأتاه جبريل بما سأل , فصارت قبلة بيت المقدس منسوخة , نسختها هذه الآية { قد نرى تقلب وجهك في السماء)(البقرة:الآية144) } يديم نظرك إلى السماء , يعني :{ فلنولينك قبلة ترضاها } يعني: فلنحولنك قبلة ترضاها , يعني: الكعبة , لأنها أحب إليك من البيت المقدس , قال{ فول وجهك } يعني: فحول وجهك في الصلاة { شطر } يعني: تلقاء{ المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره } يعني: تلقاءه.
Página 23
فلما صرفت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة اختصم اليهود والمسلمون في أمر القبلة , وفضلوا بيت المقدس على الكعبة , فأكذبهم الله , ونزل في السورة التي يذكر فيها آل عمران قال:{ إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا }(آل عمران:96) يعني: إن أول مسجد وضع للناس المسلمين للذي ببكة مباركا. وغنما سمي ببكة لأن الناس يبك بعضهم بعضا في الطواف , ووضع بيت المقدس بعده بأربعين سنة أو ما شاء الله.
وبكة بين الجبلين , ومكة الحرم كله { مباركا } يعني : فيه البركة ومغفرة للذنوب لمن تاب، ولمن حجه أو اعتمره , وصلى فيه { وهدى للعالمين } يعني: هدى من الضلالة لمن صلى قبل الكعبة , للعالمين, يعني: المؤمنين .
قال: فمن صلى قبل بيت المقدس بعدما صرفت القبلة عنه فهو في ضلالة. ثم قال{ فيه }(آل عمران:الآية97) يعني: المسجد الحرام { آيات بينات } يعني: علامة واضحة{ مقام إبراهيم } يعني: أثر مقام إبراهيم خليل الرحمن .
قوله في السورة التي يذكر فيها البقرة { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى }(البقرة:الآية125) يقول : صلوا عنده , والإمام يقوم خلفه , خلف المقام مستقبلا الكعبة والناس حوله .
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :"صلاة في مسجدي هذا -يعني بالمدينة-أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا ما فضل الله به المسجد الحرام".
قوله في السورة التي يذكر فيها الأعراف :{ قل أمر ربي بالقسط }(الأعراف:الآية29) يعني: بالعدل:{ وأقيموا وجوهكم } يعني: في الصلاة نحو الكعبة { عند كل مسجد } يعني: في بيعة أو كنيسة أو غيرها, فصلوا قبل في الكعبة{ وادعوه مخلصين له الدين } فأمرهم بالصلاة والسبيل والسنة.
وقال: الكعبة قبلة لأهل المسجد الحرام , والمسجد الحرام قبلة لأهل الحرم , والحرم كله قبلة لأهل الأرض جميعا.
Página 24
وقال: إذا جعلت المغرب عن يمينك والمشرق عن يسارك , فما بينهما قبلة لأهل المشرق.
وقال: لا يقطع الصلاة شيء يمر بين يديك ، ولكن أردد ما استطعت.
وقال: إذا صليتم فاستروا ما بين أيديكم ما استطعتم , وإذا لم يجد أحدكم سترا فليخط خطا بين يديه , ثم لا يضره ما مر أمامه إن شاء الله.
تفسير بناء المساجد والذكر فيها :
قوله في السورة التي يذكر فيها النور: { في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه }(النور:36) يقول : أمر الله بالمساجد أن تبنى, ويذكر فيها اسمه , يعني: يذكر فيها السبيل والسنة.
{ يسبح له فيها بالغدو والآصال } يعني : يصلى لله فيها بالغدو والآصال، فأمر برفعها, وعمارتها.
ثم نعت من يفعل ذلك فقال: { رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} (النور:37) يعني : شراء ولا بيعا عن ذكر الله , يعني: عن الصلاة المفروضة. { وإقام الصلاة } يعني: الصلاة, يعني: لا تلهيهم عن إتيان الصلاة لوقتها. { وإيتاء الزكاة } يعني: وإعطاء الزكاة.{ يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار } فخوفهم ذلك اليوم.
Página 25
قال : المساجد في الأرض , والصلاة فيها , والذكر وقراءة القرآن فيها ضوءها في السماء بمنزلة الكواكب لأهل الأرض , فطوبى للمؤمنين ، قال: [الله تعالى]: { الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم* ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم* وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم }(غافر:7-9)
وعن عائشة : سئلت عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقالت:" كان يصلي ليلا طويلا قائما , وليلا طويلا قاعدا" ./
Página 26
7- تفسير آيات الأذان وأحكامه واتخاذ الزينة عند المساجد وصلاة المنافقين
تفسير الآذان :
قوله في السورة التي يذكر فيها الجمعة : { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة }(الجمعة:الآية9) يعني: إذا أذن المؤذن.
قال: كان المسلمون في أول الإسلام لا يدرون كيف يؤذنون للصلاة.
قال: ثم إن عبد الله بن زيد الأنصاري رأى في المنام, كأن رجلا عليه ثوبان أخضران على حائط المسجد بالمدينة , قام فقال: الله أكبر الله أكبر مرتين , أشهد أن لا إله إلا الله مرتين, أشهد أن محمدا رسول الله مرتين, حي على الصلاة مرتين, حي على الفلاح مرتين , ثم قال: قد قامت الصلاة مرتين , الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله مرة بعد ذلك واحدة.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : علمه بلالا, فعلمه بلالا فأذن بعد ذلك .
قال: لا ينبغي أن يقيم الصلاة غير الذي أذن إلا بعذر ولا يتكلم في الأذان والإقامة , وليس على النساء أذان ولا إقامة .
قال ابن مسعود : تجزي الإقامة للرجال في السفر إذا لم يؤذن.
تفسير لبس الثياب عند المساجد :
قوله في السورة التي يذكر فيها الأعراف :{ يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد }(الأعراف :الآية31) وذلك أن أهل الجاهلية كانوا يطوفون بالبيت الحرام عراة , يطوف الرجال بالنهار, والنساء بالليل, يقولون : لا طواف بالبيت الحرام في الثياب التي قارفوا فيها الذنوب , فأنزل الله{ يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد } يعني: البسوا ثيابكم عند كل مسجد, يعني: عند المسجد الحرام وغيره وبيعة النصارى وكنيسة اليهود لا تعروا .
قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم" يجزي الثوب الواحد إن لم يكن غيره" .
قال : وصلى جابر في ثوب واحد , قد خالف بين طرفيه بغير إزار .
والثياب على المستحب، قال : يكره للإمام أن يصلي بغير رداء .
Página 27
في الذين لا تلهيهم أموالهم ولا أولادهم عن ذكر الله:
قوله في السورة التي يذكر فيها المنافقون :
{ يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله}(المنافقون:9) يعني: الصلاة المكتوبة{ ومن يفعل ذلك } يعني: ترك الصلاة وبما أمر الله { فأولئك هم الخاسرون } .
تفسير المنافقين :
ثم أخبر عن صلاة المنافقين في السورة التي يذكر فيها النساء قال: { وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى }(النساء:الآية142) يعني: متثاقلين عنها حتى يذهب عنها وقتها, يصرون على الذنب , وعلى النكث ,{ يراؤون الناس } بصلاتهم وغيرها{ ولا يذكرون الله إلا قليلا } يعني: إلا رياء وسمعة.
وقال في سورة أخرى { ويل للمطففين}(المطففين:1) يعني: المنافقين, ثم نعتهم فقال :{ الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون }(المطففين:2) يعني: إذا اشتروا من الناس يستوفون الكيل لأنفسهم,{ وإذا كالوهم }(المطففين:3) يعني: باعوا هم لغيرهم { أو وزنوهم } لغيرهم, { يخسرون } يعني: ينقصون الكيل والميزان .
ثم خوفهم فقال: { ألا يظن أولئك }(المطففين:4) يعني: ألا يستيقن المطفف في الكيل والميزان .{ أنهم مبعوثون } بعد الموت , وأن الله سيعاقبهم.
ثم أخبرعن يوم البعث فقال: { ليوم عظيم* يوم يقوم الناس } يعني: من قبورهم{ لرب العالمين }(المطففين: 5،6)، فسمى الله الويل للمنافقين والمشركين .
وذكر المؤمنين فقال: { طوبى لهم وحسن مآب }(الرعد:الآية29) .
Página 28