Estudios en doctrinas literarias y sociales
دراسات في المذاهب الأدبية والاجتماعية
Géneros
يقال مثلا إن الأدب ظاهرة اجتماعية، أو يقال إنه ظاهرة اقتصادية أو ظاهرة بيولوجية، أو غير ذلك من الظواهر المختلفة، ولك أن تقول عن ظاهرة من هذه الظواهر أو عنها جميعا: حسن، ثم ماذا؟ فلا يسع صاحب التعريف أن ينتهي بك إلى باب مغلق على نوع من أنواع الأدب.
ذلك أن الأدب كالحياة لأنه تعبير عنها، فلا يستوعبه مذهب ولا يستغرقه أسلوب.
قل مثلا: إن الأدب ظاهرة اجتماعية، فماذا في هذا؟
إن المجتمع لا يستنفد أغراضه ومقاصده في أربع وعشرين ساعة، ولا في سبعة أيام، ولا في شهر أو بضعة شهور، ولا في عام أو بضعة أعوام.
ومن الجائز أن ظاهرة اجتماعية تتحقق في خمسين سنة، وتبدأ في هذه السنة وكأنها معزولة عن المجتمع أو مناقضة لمصالحه الظاهرة، ولكنها بعد خمسين سنة تؤتي ثمراتها التي لا نعرفها اليوم ولا نعرف سلفا كيف تكون.
وليس أضر بالمجتمع من قطع النسل، ولكن الكاتب قد يشجع العزوبة في قصة يكتبها، وقد يكون تشجيعه لها احتجاجا على نظام الزواج في المجتمع، وقد يؤتي هذا الاحتجاج ثمرته بعد سنوات، فيصح على هذا الاعتبار أن يكون تشجيع العزوبة ظاهرة اجتماعية ودليلا على مرض اجتماعي يحتاج إلى العلاج .
فإذا قلنا: إن الأدب مسألة اجتماعية فما الذي أبحناه بهذا التعريف؟ وما الذي حرمناه؟
بل أنت مستطيع أن تشيد بالأدب الذي يسمونه أدب البرج العاجي، ولا تخرج به عن الأدب الذي هو مسألة اجتماعية.
فإذا جاز في المجتمع أن تغرس حديقة للنزهة لا تزرع فيها القمح والشعير ولا تغرس فيها التفاح والكمثرى، فقد جاز في هذا المجتمع نفسه أن تنظم الشعر وصفا للأزهار والبساتين.
وإذا جاز في المجتمع أن تنشئ مصلحة للآثار لا تبيع تحفها ولا تساوم عليها، فقد جاز في هذا المجتمع نفسه أن تصف أبا الهول بمقال أو عدة مقالات، وجاز فيه أيضا أن تحاكي تلك الآثار بصناعة الصور والتماثيل.
Página desconocida