Estudios en doctrinas literarias y sociales
دراسات في المذاهب الأدبية والاجتماعية
Géneros
وقد اشترك في مهرجان الشعر الأخير نحو عشر أديبات: منهن باحثتان في النقد الأدبي وفي تاريخ الأدب، وسائرهن شاعرات لم يزلن في سن الشباب، إذا لوحظ في شعرهن شيء خاص ينسب إلى الجنس - فهو الميل إلى المحافظة في التزام أصول الشعر على عروض لا يجوز فيها إهمال الوزن القافية، وليس هذا بالشيء الخاص بأدب المرأة إلا في اعتبار القائلين: إن المرأة أقرب إلى المحافظة على سنة الجماعة.
ولكن اشتراك المرأة في الحركة الأدبية على أية صورة من الصور هو نفسه علامة مستقلة من أبرز علامات الاتجاه المتطور مع الزمن الحديث، وخلاصته في كلمات الختام أنه اتجاه من التقليد إلى الاستقلال، أو من النماذج التي يغيب فيها الفرد بين أشباهه إلى «الشخصية» المتميزة بطابعها في اختيار التعبير واختيار الموضوع، أو هو على الإجمال اتجاه الكاتب الذي ينقل عن مشق منقوط كمشق الخطاط، إلى صاحب الخط الذي لا تتشابه فيه يدان.
2
مذهب الفيلسوف «هيجل» في أطوار الأمم وأدوار التاريخ يصدق على اتجاهات الأدب في اللغة العربية، وفي غيرها من اللغات الحية.
وخلاصة مذهب «هيجل» - كما هو معلوم - أن كل دور من الأدوار يتبعه ضده أو نقيضه، ثم يلتقي النقيضان على حد وسط بينهما، حتى إذا استقر هذا الحد الوسط على وضع متفق نجم منه نقيضه دواليك على النحو المتقدم.
وفي كل عصر من عصور الأدب يستطيع الناقد أن يكون على يقين من تقابل اتجاهين مختلفين: أحدهما تغلب عليه المحافظة، والآخر يغلب عليه التجديد، ثم يتوسط بينهما اتجاه معتدل لا إلى هذا الطرف ولا إلى ذاك.
حدث هذا في الأدب العربي بين أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين؛ إذ تيقظت الأمم الشرقية وأخذت تنظر في أسباب ضعفها، وتعالجها بما بدا لها من بواعث قوتها، فرأى فريق منها أن يرجع إلى القديم؛ لأنه عهد العظمة والتفوق على غيرها، ورأى فريق آخر أن الرجوع إلى القديم لا سبيل إليه لانقضاء زمنه وتبدل أحوال الزمن بعده، وأن القوة إنما تكون بمحاكاة الأقوياء من أبناء الحضارة الأوروبية في كل شيء، ومن ذاك اتجاهات الآداب والفنون.
ثم اعتدلت بين المدرستين مدرسة متوسطة ترى أن المحاكاة لا تفيد، سواء أكانت محاكاة للقديم أم محاكاة للجديد، وإنما الصواب أن نأخذ بالحسن من كليهما وأن نحذر من «التقليد الأعمى» حيث كان، فلا ندين بالتقليد لأحد، ولا نتجه إلى وجهة في أدبنا وفنوننا غير الوجهة التي نستقل فيها بالرأي والشعور.
وتكاد هذه المدرسة أن تغلب على اتجاهات الأدب في العصر الحاضر، وأن تنجح في تدبير الحلول الصالحة لأكبر المشكلات التي عرضت للأدب العربي في الآونة الأخيرة وهي مشكلة الفصحى والعامية، وأيهما نعتمد عليه في لغة الثقافة والكتابة.
ورأي هذه المدرسة الوسطى أن الفصحى لها موضعها وموضوعاتها، وأن العامية لها كذلك موضع وموضوعات، فهي - أي: العامية - لا تصلح للتعميم بين الأمكنة والأزمنة المختلفة؛ لأنها بطبيعتها محلية وقتية، ولكنها تصلح للمسائل التي تعالج في حينها ومكانها، ثم تنتهي بانتهاء ذلك الحين وذلك المكان.
Página desconocida