167

Estudios en doctrinas literarias y sociales

دراسات في المذاهب الأدبية والاجتماعية

Géneros

عليهم أن يطهروا الكتابة من الأقلام التي تطلب لأصحابها أكاليل الغار، وهم لا يستحقون من الناس غير أغلال السجون ومذلة الاحتقار.

أقلام تسخرها الدول الأجنبية جواسيس على أوطانها لتفسد سياسة أوطانها وتخدم سياسة تلك الدول، ثم تطالب الناس بشرف البطولة وهي بوصمة الخيانة وعقوبة القانون أولى ما تكون.

ومن التشريف لتلك الأقلام المأجورة أن يقال عنها إنها تبشر بالمذاهب الهدامة أو بما شاكلها من مذاهب الفوضى، فإن صاحب المذهب الذي يؤمن به يعمل على المصلحة العامة كما يراها وإن أخطأ في تقديرها.

ولكن الوصمة وصمة من يخدم الجاسوسية الأجنبية حيث اتجهت وجهتها، فلا وفاق مع إسبانيا ولا مع تركيا ولا مع الصين الوطنية ولا مع الأمم التي تحاربها تلك الجاسوسية الأجنبية، وقد يصعب تمييز الخيانة حين تكون الحملة منصبة على الدول الكبرى؛ لأنها حملة تتلبس بلباس الغيرة الوطنية وتمضي في طريقها ... أما الجاسوسية فهي الحملة على كل عدو للدولة التي تنشر شباك الجاسوسية، وإن لم يكونوا أعداء للمصريين في القضية الوطنية، وهي الحملة على كل دولة ما عدا الدولة التي تشتري الأقلام لخدمة مآربها وتسخير الوطنية المصرية لغاياتها.

ونجاة الخائن من جريمة إجحاف معيب، ولكن الإجحاف الذي لا يدانيه إجحاف أن يخرج الخائن متوجا بأكاليل الغار مزفوفا بأناشيد الأبطال.

وكلما كان المعمول الأكبر في تطهير الكتابة على التمييز والإدراك صغرت تبعة الحكومة وكبرت تبعة الأمة، فلا يجلس أحد في مقعده ويطلب من ولاة الأمر أن يقدموا له التطهير لقمة سائغة بين شدقيه، ولا تفعلن كما فعل بنو إسرائيل يوم قالوا لموسى عليه السلام:

فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون .

كلا! إن هذا القعود لا يجدي في تطهير الكتابة إن كانت له جدوى في تطهير كائنا ما كان، وإنما الجدوى التي لا جدوى مثلها في تطهير الكتابة أن نطهرها بالتمييز السريع والعقول اليقظى، ويومئذ لا يهمنا كثيرا ما تصنعه الحكومات وما يصنعه الكتاب وما يصنعه المغرضون الذين يلجئون القانون والرأي العام إلى التطهير.

الفصل الثاني والأربعون

أزمة التعليم

Página desconocida