Estudios en doctrinas literarias y sociales
دراسات في المذاهب الأدبية والاجتماعية
Géneros
وأول تلك العوامل أن الأوروبيين أخذوا يعرفون شيئا عن حضارة الشرق وما أنشأته من الصناعات الأنيقة كصناعة الخزف والحرير وورق الجدران وتوابل الطعام والشاي وما إليها ... فزال من أذهانهم ما توهموه من همجية الشرق وتخلفه في معيشة الحضارة.
ووافق هذا الوقت ترجمة الثقافة الشرقية من دينية وأدبية، فأقبلت عليها طائفة من المفكرين وأعجب ڨولتير بتفكيرها الروحي الذي لا معجزات فيه ولا خوارق للطبيعة، وخشي فريق منهم فتنة هذه الثقافة فتصدى فينلون في محاوراته بين الموتى للموازنة بين سقراط وكنفشيوس على نحو يرضي الذين يصفون أهل الصين بالسخافة لتفضيل حضارتهم على سائر الحضارات.
ثم كانت الثورة الفرنسية فعمت مبادئها بلاد الشرق وتمكنت بين الغربيين أنفسهم، فشاعت بينهم آداب جديدة عن حقوق الإنسان، وشعروا بالحاجة إلى تسويغ الاستعمار بضروب من المعاذير والتعلات لم يشعروا بالحاجة إليها قبل ذلك.
واضطرب الشرق بتيار الوطنية الجارف فانبعثت فيه كبرياؤه بتراثه القديم، وتشبث دعاته وشعوبه بحق تقرير المصير، وزادهم تشبثا بهذا الحق وجود الألوف من الوطنيين المتعلمين ممن تدربوا على وظائف الإدارة في حكومات الاستعمار، على استعداد للعمل في حكوماتهم المستقلة.
سلاح في يد الشرق
وعرف الشرقيون سلاحا ماضيا يشهرونه على قوة الاستغلال، وهو سلاح المقاطعة ورفض التعاون مع السيطرة الأجنبية، وكان سلاحا فعالا كما ثبت من حوادث هونج كونج في الصين ومن حملة المقاطعة الهندية.
ومن العوامل الحديثة التي أضافها المؤلف إلى ما تقدم تطور الأحزاب اليسارية في الأمم الأوروبية وقيام الثورة الشيوعية في روسيا.
والتفت التفاتة دقيقة إلى التفرقة بين الدعوة الوطنية والدعوة الآسيوية التي ترددت في الزمن الأخير، فهذه الدعوة الآسيوية لم تكن معروفة قبل الجيل الحاضر، وليست هي من قبيل الدعوة الوطنية التي تنبهت في القرن الماضي، ولكنها تضامن آسيوي يقابل التضامن الأوروبي في هذه المرحلة من مراحل السياسة العالمية.
قال المؤلف في تعقيبه على هذه الآثار المتبادلة بين الشرق والغرب ما فحواه أن بعض الناقدين الأوروبيين لا يزالون يؤمنون بأن الشرق شرق والغرب غرب، وأن الشرقيين لم يستفيدوا من علاقاتهم بالثقافة الغربية أثرا باقيا يثبت على مر الأيام بعد استقلال الشرقيين بحكم أنفسهم وخروجهم من سيطرة الغرب مباشرة على حكوماتهم.
الإفادة من علوم الغرب
Página desconocida