Estudios filosóficos (primera parte): en el pensamiento islámico contemporáneo
دراسات فلسفية (الجزء الأول): في الفكر الإسلامي المعاصر
Géneros
ولا يوجد فصل زماني حاسم بين مرحلة النقل ومرحلة الشرح والتلخيص؛ فقد قام بعض المترجمين أنفسهم بالشرح والتلخيص مما يدل على أنهم كانوا فلاسفة يبحثون عن المعنى وليسوا مجرد نقلة حرفيين كما هو الحال في عصرنا بدعوى الموضوعية والأمانة والحرص على النص المنقول. وهو يدل في الحقيقة على عدم وجود موقف حضاري للناقل ولا يقوم النقل لديه بأية وظيفة. بل لا يضير الناقل المعاصر أن ينقل أرسطو عن الفرنسية، فاللغة لديه لم تعد مرتبطة بالفكر، ولا يقدم إلا ثقافة عائمة طافية من الآخر فوق ثقافة راسخة أصيلة، من الأنا. وبالتالي تظل هامشية بعيدة عن القلب. فلا المترجم الفرنسي له موقف حضاري ولا المترجم العربي المعاصر له موقف حضاري، كلاهما ناقل؛ الأول ضحية موضوعية القرن التاسع عشر في حضارته، والثاني ضحية تقليد الآخر.
2
ويعني الشرح إعادة تركيب النص المنقول من بيئة ثقافية إلى بيئة ثقافية أخرى، من ثقافة الآخر إلى ثقافة الأنا؛ وذلك عن طريق: (1)
تفتيت النص المنقول وتحليله إلى عناصره الأولية؛ حتى يسهل فهمه وابتلاعه جزءا جزءا، ثم هضمه وتمثله من أجل العرض والتأليف فيما بعد. (2)
إعادة تركيب النص طبقا للتصور الإسلامي لفظا ومعنى وشيئا. فالشرح بداية القراءة الفاحصة. الشرح هو القيام بعملية «عاشق ومعشوق» من أجل تحويل النص من المقروء إلى القارئ، من ثقافة الآخر إلى ثقافة الأنا. (3)
إسقاط جميع الأمثلة التي من ثقافة الآخر وإسقاط جميع أسماء أعلامه وشواهده قدر الإمكان؛ لأنها بيئية صرفة، محلية، لا تعيش في المخزون التراثي في البيئة الثقافية الجديدة. (4)
وضع أمثلة أخرى وشواهد جديدة من ثقافة الأنا للتوضيح، ولتقوم بنفس الوظيفة التي كانت تقوم بها أمثلة الآخر وشواهده، هذه الأمثلة الجديدة لها دلالتها في الثقافة الجديدة والتي يسهل مطابقتها مع دلالات النص المقروء. (5)
إكمال الناقص في النص المنقول، ثم وضع الجزء الذي توصل إليه الآخر في الكل الذي تضعه الأنا. فالشرح إعادة تصنيف وترتيب للأجزاء المنقولة في إطار الكل المسبق في وعي الشارح. (6)
تصحيح تحليل الآخر عن طريق إعادة التحقق من صحته؛ إما بعرضه على العقل والحس أو بعرضه على الوحي. فالشرح ليس مجرد التعبير عن لفظ بلفظ أو بعبارة شارحة، بل هو إعادة تحقق من صدق المضمون بمقاييس جديدة تقوم على اتفاق الوحي والعقل والطبيعة؛ لذلك ظهرت الردود على بعض الشراح اليونان أو المسلمين دفعا لسوء تأويلهم وتصحيحا لفهم النص.
3 (7)
Página desconocida