Estudios filosóficos (primera parte): en el pensamiento islámico contemporáneo
دراسات فلسفية (الجزء الأول): في الفكر الإسلامي المعاصر
Géneros
فإعطاء الأولوية للاجتهاد ولإجماع الأمة على المصدرين النصيين يعطي العلماء والباحثين جرأة على الواقع وقدرة على التشريع؛ رعاية لمصالح الناس مطورين لمفهوم «المقاصد» عند الشاطبي ومعتمدين عليه.
وقد تركت العلوم النقلية لمعاهدنا الدينية تدرسها كما تركها القدماء دون أن تساهم كليات الآداب والعلوم الإنسانية في تطويرها وتحويلها إلى علوم نقلية عقلية مثل العلوم الأربعة الأولى، أو تحويل الجميع إلى علوم عقلية خالصة مثل العلوم الرياضية والطبيعية والإنسانية. وتركت في أقسام اللغة العربية وآدابها وفي أقسام الدراسات الإسلامية كما هي، دون تحوير أو تبديل، تدعمها أنظمة الحكم، وتعممها القوى المحافظة على كل الأقسام - بما في ذلك أقسام اللغات الأجنبية - حماية للطالب من المذاهب الهدامة ومن الإيغال في الفكر، كما كانت الأنظمة الثورية تفرض الاشتراكية العربية والمقررات القومية من قبل. ومع أن هذه العلوم نشأت لغايات معينة حفاظا على نصوص الوحي بعد التدوين ونجحت في ذلك عن طريق النقد الخارجي للروايات، فإنها بالنسبة لجيلنا علوم في حاجة إلى تطوير عن طريق النقد الداخلي للمتون؛ إما بتحليل الأشكال الأدبية أو بتحليل المضمون.
4
وبالتالي يمكن تحديد غايات جديدة لها لتطويرها.
فعلوم القرآن قد وضعت موضوعات السور المكية والمدنية، أسباب النزول، الناسخ والمنسوخ ... إلى آخر ما هو معروف من أبواب علوم القرآن في «الإتقان» للسيوطي مثلا، ولكن هناك بعض المسائل التي فقدت دلالتها؛ مثل: هل البسملة جزء من السورة أم لا؟ هل الفاتحة أم الكتاب أم لا؟ هل
قل
جزء من الآية أم لا؟ وهي كلها مسائل مرتبطة بعصر التدوين قبل التقنين. وقد تم تقنين القرآن الآن قراءة وحفظا وكتابة وتلاوة. هذه إذن موضوعات أدت دورها وانتهت كمادة للعلم، ولن يكتشف الآن أحد قراءة جديدة منسية، أو آية أو سورة جديدة سقطت سهوا. وهناك مسائل أخرى كانت لها غاية في عصرها عند إثارتها مثل معرفة المكي والمدني، وأسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، وأصبح لها الآن بالنسبة لنا دلالات مغايرة وربما أعمق وأدل. فإذا كانت الغاية من التمييز بين المكي والمدني ترتيب السور فإن المكي بالنسبة لنا يحتوي على تصور للعالم، بينما يحتوي المدني على النظام، والتصور سابق على النظام، والنظام تال للتصور. وإذا كانت أسباب النزول عند القدماء تعني معرفة الأصل حتى يتم عليه قياس الفرع، فإنها تعني عندنا أولوية الواقع على الفكر.
5
وإذا كانت معرفة الناسخ والمنسوخ عند القدماء تهدف إلى معرفة الأحكام، فإنها تعني بالنسبة لنا التطور في الزمان، وإعادة صياغة أحكام الأفعال طبقا لقدرات الإنسان وطاقاته.
أما علوم التفسير فقد خضعت في حقيقة الأمر لباقي العلوم الأخرى؛ علوم اللغة أو التاريخ أو الحكمة أو الكلام أو التصوف أو الفقه. فخرجت تفسيرات لغوية وتاريخية وفلسفية وكلامية وفقهية. ولم يظهر التفسير الاجتماعي إلا مؤخرا في حركات الإصلاح. كما لم يظهر التفسير النفسي-الاجتماعي أيضا إلا مؤخرا، عندما دعت الحاجة إلى إعادة الوحي إلى قلوب الناس وشعور الأمة.
Página desconocida