Estudios filosóficos (primera parte): en el pensamiento islámico contemporáneo
دراسات فلسفية (الجزء الأول): في الفكر الإسلامي المعاصر
Géneros
3
فبينما نجد إشادة واحدة بإمكانية تفاهم المصري مع المغربي؛ وبالتالي إمكانية وجود بعد عربي للمصري، إلا أن ذلك في مقابل عدم استطاعة تفاهم الفرنسي مع الإسباني، أي بالمقارنة بالغرب وليس له أية دلالة عربية.
4
إلا أن معظم الإشارات إلى مصر إنما تأتي للتأكيد على محليتها وعدم استطاعة تواصلها مع محيطها العربي والإسلامي، بل وتجزئها إلى لهجات محلية داخلية في القاهرة والإسكندرية والصعيد. وبالأولى تتمايز اللهجة المصرية عن اللهجة التونسية وعن باقي اللهجات في الأقطار العربية، وتنتقل المحلية من مستوى اللغة إلى مستوى الإنتاج الأدبي المنغمس في الواقع المصري والذي لا يستطيع القارئ العربي الوصول إليه! ثم تتجاوز المحلية الأدبية ذاتها إلى محلية الوعي القومي والإرادة الوطنية و«المعرفة» في تاريخ مصر الوطني في عصرها الليبرالي.
5
ويتجاوز الأمر إلى بناء الشخصية المصرية: قهر السلطة وعجز الناس، تسلط الحكام وضعف الأهالي منذ غزو عمرو بن العاص لمصر. وإن ضعف الناس في مصر في بناء الذات القومية لمشابه لضعف البربر ولضعف أهالي الشام والعراق!
6
وينتهي الأمر كله إلى إنكار زعامة مصر؛ نظرا لعجزها ورغبتها في الهيمنة والسيطرة وحب الذات والنرجسية، مع أن هناك مركزين للزعامة: مصر والأندلس، المشرق والمغرب. وقد نقل الفاطميون زعامتهم إلى مصر وضم الأيوبيون الشام، وسرعان ما طرد العثمانيون مصر منها! كما أعطى الإسلام مصر منذ فتحها زعامة تاريخية. فزعامة مصر عرض تاريخي ثقافي، وليست مكونا جوهريا في الشخصية المصرية، بل إن الحركات التحررية الوطنية المعاصرة لم يكن لها مركز واحد في مصر، بل مراكز متعددة في تونس والجزائر، وكلها كيانات محددة، ولا تمثل تيارا عربيا واحدا يخترقها جميعا تتوالد منه الثورات.
7
وهذه هي «البورقيبية» بعينها إبان الحقبة الناصرية والمد الثوري العربي القومي، بما تمثله من عداء لمصر ولزعامتها ولقيادتها حركة التحرر العربي، ورفضها الاعتراف بإسرائيل، ودعوة تونس لذلك وانشقاقها عن الصف العربي، معتبرة نفسها أوروبية أكثر منها عربية، وفرنسية أكثر منها إسلامية. وهو ما يعترف به المؤلف نفسه من وصف لبورقيبة في ذلك الوقت والذي تأثر بما لاقاه من استخفاف أثناء إقامته بمصر، وحذر من محاولاتها للهيمنة، وتبنيه لفكرة الأمة المحدودة على النموذج الأوروبي، وتأثره ببعض الأفكار الاستشراقية بالنسبة لفوضى البربر والبدو، وضرورة الانطلاق إلى البناء الوطني والقومي المحدود للدولة الحديثة! لقد بقي بورقيبة مبهورا بأوروبا ولا سيما بفرنسا مشمئزا في قرارة نفسه من الفكرة العربية ومن المشرق الذي يعتبره مغايرا لعالمه، فالعروبة بالنسبة له صيغة رجعية مغرقة في التقاليد واللاعقلانية وأن القومية العربية ما هي إلا ديماغوجيا وفورة!
Página desconocida