Din
الدين: بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان
Géneros
2
أي: حكمها وضبطها، و«الديان» الحكم القاضي. (2)
وإذا قلنا: «دان له» أردنا أنه أطاعه، وخضع له، فالدين هنا هو الخضوع والطاعة، والعبادة والورع، وكلمة «الدين لله» يصح أن منها كلا المعنيين: الحكم لله، أو الخضوع لله.
وواضح أن هذا المعنى الثاني ملازم للأول ومطاوع له «دانه فدان له»؛ أي: قهره على الطاعة فخضع وأطاع. (3)
وإذا قلنا: «دان بالشيء» كان معناه أنه اتخذه دينا ومذهبا؛ أي: اعتقده أو اعتاده أو تخلق به، فالدين على هذا هو المذهب والطريقة التي يسير عليها المرء نظريا أو عمليا، فالمذهب العملي لكل امرئ هو عادته وسيرته، كما يقال: «هذا ديني وديدني» والمذهب النظري عنده هو عقيدته ورأيه الذي يعتنقه، ومن ذلك قولهم: «دينت الرجل» أي: وكلته إلى دينه ولم أعترض عليه فيما يراه سائغا في اعتقاده.
ولا يخفى أن هذا الاستعمال الثالث تابع أيضا للاستعمالين قبله؛ لأن العادة أو العقيدة التي يدان بها لها من السلطان على صاحبها ما يجعله ينقاد لها، ويلتزم باتباعها.
وجملة القول في هذه المعاني اللغوية: أن كلمة الدين عند العرب تشير إلى علاقة بين طرفين يعظم أحدهما الآخر ويخضع له، فإذا وصف بها الطرف الأول كانت خضوعا وانقيادا، وإذا وصف بها الطرف الثاني كانت أمرا وسلطانا، وحكما وإلزاما. وإذا نظر بها إلى الرباط الجامع بين الطرفين كانت هي الدستور المنظم لتلك العلاقة أو المظهر الذي يعبر عنها.
ونستطيع الآن أن نقول: إن المادة كلها تدور على معنى لزوم الانقياد، فإن الاستعمال الأول الدين هو إلزام الانقياد، وفي الاستعمال الثاني هو التزام الانقياد، وفي الاستعمال الثالث هو المبدأ الذي يلتزم الانقياد له.
ولا يخفى من جهة أخرى، أن معنى اللزوم هذا هو المحور الذي تدور عليه كلمة الدين بفتح الدال، والفرق بين الدين بالفتح والدين بالكسر
3
Página desconocida