Damasco, ciudad de magia y poesía
دمشق مدينة السحر والشعر
Géneros
تقل على ظهر الصفا بطن حامل
يروى أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لما قدم الشام رأى الغوطة، ونظر إلى المدينة والقصور والبساتين، فتلا قوله تعالى:
كم تركوا من جنات وعيون * وزروع ومقام كريم * كذلك وأورثناها قوما آخرين . ويروى أن أمير المؤمنين المأمون العباسي أقسم يوما - وقد نظر إلى أشجار الغوطة ونباتها - أنها خير مغنى على وجه الأرض، وقال: عجبت لمن يسكن غيرها كيف ينعم مع هذا المنظر الأنيق الذي لم يخلق مثله؟!
وحي الغوطة
أتى لي في الغوطة ستون سنة، تسلمني الطفولة إلى الشباب، والشباب إلى الكهولة، والكهولة إلى الشيخوخة، ولاقيت ربيعها وصيفها وخريفها وشتاءها، وما لقيت منها إلا نضرة وسرورا.
أنعشني هواؤها، وأدهشتني أرضها وسماؤها، وما فتئت منذ وعيت أقرأ في صفحة وجهها الفتان آيات الإبداع والإعجاز.
في ربوعها شهدت الطبيعية تقسو وتلين، وتغضب وترضى، وتشح وتسمح، فراعني جمالها وجلالها، وشاقني تجنيها ووصالها. نشقت أنفاس رياها وهي ترفل في زهرها ووردها، واستهوتني مجردة من ورقها وثمرها ونباتها، فأخذت بها كاسية عارية، وطابت لي مطيبة وتفلة.
تربة تقبل وتمحل، وأدواح تعمق وتثمر، وجداول تفور وتغور، وآبار تفيض وتغيض، وجو يغيم ويصحو، ودوي عبس وضحك، وهناك هناء، وهناك يسر، وهناك شقاء، وهناك عسر.
أتى الجراد غير مرة على زرعها وثمرها، وسطت الحشرات على خضرها وشجرها، وأحرق الصقيع حبوبها وفاكهتها، وعدا الموتان على دواجنها وماشيتها، وطغى الماء على أدنى بقاعها، فأودى بما أنبتت وبسقت، وعادت هذه الأم الرءوم تدر على أبنائها لبنا سائغا، وتفيض عليهم من عطفها وحنانها كل جميل.
عهدي بها ودمن عشرات المزارع الخربة، بما توالى عليها من نكبات الزلازل والسيول والأوبئة والمجاعات، إلى جانب ألوف الأفدنة تصبح بالدءوب حدائق غلبا، وكانت بالأمس بين مستنقع وبيل، ومرج أفيح. في الغوطة قرى كبيرة تداعب، وقرى كبيرة لم يعف رسمها، وفيها أشجار لا تعيش غير بضع سنين، وأخرى مباركة يحسب عمرها بالقرون.
Página desconocida