المسلك الثاني: مسلك تضعيف الحديث وعدم قبوله.
وهذا المسلك حكاه ابنُ عبد البر عن الإمام مالك. (١)
وإليه ذهب أبو بكر الجصاص في كتابه "أحكام القرآن" (٢)؛ فإنه حكم على الحديث بالضعف، لشذوذه، ومخالفته للأصول، لكنه في كتابه "الفصول في الأصول" (٣) ذهب إلى قبول الحديث مع تأويله، على نحوِ ما جاء في المذهب الثاني، حيث قال: "وأما حديث أبي هريرة - في ولد الزنا أنه شر الثلاثة - فإنما معناه عندنا أنه أشار به إلى أشخاص بأعيانهم، فحكم فيهم بهذا الحكم؛ لعلمه ﵇ بأحوالهم التي يستحقون بها ذلك". اهـ
وممن ذهب إلى تضعيف الحديث: ابن الجوزي؛ فإنه أورده في العلل المتناهية (٤)، وقال: لا يصح.
وقد جاء عن عائشة، وابن عباس، وابن عمر، ما يدل على معارضتهما للحديث:
فعن عائشة ﵂، أنها كانت إذا قيل لها في ولد الزنا: هو شر الثلاثة، عابت ذلك وقالت: ما عليه من وزر أبويه، قال الله: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) ". (٥).
وعن ابن عباس ﵄، أنه قال في ولد الزنا: "لو كان شر الثلاثة لم يُتَأنَّ بأمه أن تُرجم حتى تضعه". (٦)
وعن ميمون بن مهران، أنه شهد ابن عمر صلى على ولد زنا فقيل له: إن أبا هريرة لم يُصلِّ عليه، وقال: هو شر الثلاثة. فقال ابن عمر: "هو