إِلَى أَهْلِهِ". (١)
فسمى النبي ﷺ السفر عذابًا، وليس هو عقابًا على ذنب، والعذاب أعم من العقاب، لأن العذاب هو الألم، وليس كل من تألم بسبب كان ذلك عقابًا له على ذلك السبب. (٢)
٥ - واستدلوا أيضا: بأن الميت يسمع بكاء الحي، ويسمع قرع نعال مشيعيه إذا انصرفوا من دفنه، وتُعرض عليه أعمال أقاربه الأحياء، فإذا رأى ما يسؤهم تألم له، وهذا ونحوه مما يتعذب به الميت ويتألم. (٣)
الإيرادات والاعتراضات على هذا القول:
الإيراد الأول: يرد على هذا القول حديث: "مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (٤)؛ إذ في الحديث أَنَّ العذاب يكون يوم القيامة، فهل يقال إنه يتأذى يوم القيامة ببكاء أهله عليه في الدنيا؟
قال الألباني: "كنت أميل إلى هذا المذهب برهة من الزمن، ثم بدالي أنه ضعيف؛ لمخالفته للحديث الذي قيد العذاب بأنه "يوم القيامة"، ومن الواضح أَنَّ هذا لا يمكن تأويله بما ذكروا، ولذلك فالراجح عندنا مذهب الجمهور (٥)، ولا منافاة بين هذا القيد والقيد الآخر في قوله: "في قبره" (٦)، بل يضم أحدهما إلى الآخر، وينتج أنه يعذب في قبره، ويوم القيامة، وهذا بَيّنٌ إن شاء الله تعالى". اهـ (٧)