في ذلك؛ بل هذا من كمالهم وعلو درجاتهم عند الله". اهـ (١)
المذهب الثاني: أنَّ السحر إنما تسلط على ظاهر النبي ﷺ وجوارحه، لا على قلبه واعتقاده وعقله، ومعنى الآية: عصمة القلب والإيمان، دون عصمة الجسد عما يَرِدُ عليه من الحوادث الدنيوية.
وهذا مذهب القاضي عياض (٢)، وابن حجر الهيتمي (٣)، وأبي شهبة (٤).
المذهب الثالث: أنَّ ما روي - من أنَّ النبي ﷺ سُحِرَ - باطلٌ لا يصح، بل هو من وضع الملحدين.
وهذا مذهب المعتزلة (٥).
وتأثر بمذهبهم هذا: من الأوائل: أبو بكر الجصاص، ومن المُعاصرين: محمد عبده، ومحمد رشيد رضا، والقاسمي. (٦)
قال الجصاص: "زعموا أنَّ النبي ﷺ سُحِرَ، وأنَّ السحر عَمِلَ فيه ...، ومثل هذه الأخبار من وضع الملحدين، تلعبًا بالحشو الطُغام (٧)، واستجرارًا لهم إلى القول بإبطال معجزات الأنبياء ﵈، والقدح فيها، وأنه لا فرق بين معجزات الأنبياء وفعل السحرة، وأنَّ جميعه من نوع واحد، والعجب ممن يجمع بين تصديق الأنبياء ﵈ وإثبات معجزاتهم وبين التصديق بمثل هذا من فعل السحرة، مع قوله تعالى: (وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى) [طه: ٦٩]، فَصَدَّقَ هؤلاء مَنْ كذَّبَهُ الله وأخبر ببطلان دعواه وانتحاله.