100

Dibaj Wadi

الديباج الوضي في الكشف عن أسرار كلام الوصي

Géneros

Retórica

(الذي لا يدركه بعد الهمم): أدرك إذ الحق، قال تعالى: {إنا لمدركون}[الشعراء:61] وأدرك الغلام إذا بلغ، والهمم: جمع همة، يقال: فلان بعيد الهمة، والهمة بكسر الفاء وفتحها: إذا كان ذا عزيمة سامية، كأنه بلغ في النفاسة غاية بعيدة لاتنال، وغرضه عليه السلام هو أنه(1) تعالى لا تبلغه الهمم، وإن بلغت في بعدها وإعراقها، وتجاوزت في ذلك كل حد ونهاية.

(ولا يناله غوص الفطن): ناله إذا أصابه ومسه، كما قال تعالى: {لن ينال الله لحومها}[الحج:37]. والغوص هو: النزول تحت الماء، ومعناه أن الفطن التي هي: الأفهام لا تصيبه ولا تقع على معرفته.

سؤال؛ أليس كان القياس في أسلوب هذا الكلام أن يقال فيه: لاتدركه الهمم على بعدها، ولا تناله الفطن على غوصها، فلم عدل إلى هذا الأسلوب؟ ولهذا يقال: العشق هو المحبة المفرطة، ولا يقال فيه: إنه إفراط المحبة؟

وجوابه؛ أن الأمر كما ذكرت، ولكن إسناد الإدراك إلى البعد والنيل إلى الغوص يكون أبلغ وأدخل في المعنى من خلافه، ولهذا فإن قولنا: أعجبني شهامة نفسك وشرف(2) طبعك أرق وأدق من قولنا: أعجبتني نفسك الشهمة، وطبعك الشريف، وهذه التفرقة تدرك بالذوق الصافي.

فأما ما ذكره في العشق فإنما وجب ذلك لما كان المقصود هو تعريفه، فلابد فيه من الوفاء بالجنس والفصل(3)[ولن يكون بما ذكر] (4).

Página 105