Dhu Nurayn Uthman Ibn Affan
ذو النورين عثمان بن عفان
Géneros
وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله (الحجرات: 9) وإن أمير المؤمنين بغي عليه، ولو لم يكن لعثمان عليكم إلا حق الولاية لحق على كل مسلم يرجو إمامته أن ينصره، فكيف وقد علمتم قدمه في الإسلام وحسن بلائه وأنه أجاب داعي الله وصدق كتابه واتبع رسوله؟! والله أعلم به إذ انتخبه فأعطاه شرف الدنيا وشرف الآخرة ...»
ثم استطردت تقص خبر مقتله، وتتهم المقصرين عن نجدته. فما كان صوابها بأدل على الوله والحزن من خطئها فيما اتهمت، ومن تخبطها فيما زعمت، فإن خطبا أهون من خطبها الذي شهدته بعيني رأسها ليذهل الحزين عن سداد رأيه كما قال حكيم المعرة فيما دون ذلك:
ربما أذهل الحزين جوى الحزن
إلى غير لائق بالسداد
مثلما فاتت الصلاة سليمان
فأنحى على رقاب الجياد
وقد كان لها عند عثمان مثل هذا الحب وهذه الحظوة، بل كان له من الثقة بنصحها ما لم يكن له في مروان بن الحكم أقرب المقربين ... وكانا يتلاحيان كثيرا في محضره، وعيرها مرة أباها «الذي لا يحسن الوضوء»، فقالت له تعرض بأبيه - وهو عم عثمان - «أما والله لولا أنه عمه وأنه يناله غمه لأخبرتك عنه ما لم أكن أكذب عليه»؛ وغضب عثمان فتوعد مروان لئن تعرض لها ليسودن وجهه، ثم قال له: «والله لهي أنصح لي منك ...»
إن خلق الرجل لا يقاس بمقياس أصدق من المرأة وأسبر منها لأغوار طبعه، وقد يعز على هذا المقياس - مقياس المرأة - أن يسبر لنا أغوار عقله وأعماق بديهته، ولكنه لا يعز عليه أن يفرق بين الرجل الذي يحب ويطاع ويهاب، والرجل الذي تنزل به الألفة منزلة الوهن والعجز في نظر من يألفونه قبل من يعرفونه على البعد أو لا يعرفون منه إلا القليل.
وهذا مقياس صادق من هذا الزواج الغريب أو الطارئ على المجتمع الإسلامي بعد فتوح العراق والشام وسائر الفتوح الأسيوية والإفريقية، وهو مقياس قيس به رجال من النابهين على نحو واحد، فلم يكن بينهم من هو أرجح فيه من عثمان.
ولا سيما مقياس الشخصية الغالبة التي تؤثر فيمن يعاشرها، وتصبغه بصبغتها، كما تأثرت السيدة نائلة بإيمان عثمان وتقواه وكرم نفسه؛ فنسيت نفرتها واختلاف عقيدتها وبيئتها وتحنفت على سنة زوجها كما قال من وصفوها في حياته وبعد مقتله.
Página desconocida