وفي أيام أبرويز منهم، وصلت جنود الفرس إلى بيت المقدس، وأخذوا أسقفها، ومن معه، وطالبوهم بخشبة الصليب، فاستخرجوها من الدفن، وبعثوا بها إلى أبرويز. وفي أيام بوران بنت أبرويز ردت خشبة الصليب، إلى الجاثليق. وأمة الفرس، هم أعدل الأمم، وأوسطهم دارا، بالنسبة إلى هذه المعمورة. ولهم عنابة بالطب، وأحكام النجوم. ولهم أرصاد، ومذاهب في حركاتها. وأنفق العلماء. على أن أصح المذاهب، في الأدوار، مذهب الفرس، ومنهم واضع النرد. جعله مثالا للدنيا وأهلها، فرتب الرقعة: اثني عشر بيتا، بعدد شهور السنة. وجعل القطع، ثلاثين قطعة، بعدد أيام كل شهر. وجعل الفصوص، مثلا للقدر، وتقلبه بأهل الدنيا.
وأما اليونانيون، فهم أمة عظيمة القدر. وهم منسوبون إلى يونان. وهو، في التوراة، ولد يافث بن نوح، لصلبه. واسمه فيها يافان بفاء، تقرب من الواو فعربته العرب: إلى يونان. وبلادهم: رومة إيلي، وأناطولي، وقرمان. وإخوانهم اللطينيون، مساكنهم بالمغرب منهم. ومن اليونان، الإسكندر الذي قهر الملوك، وغلبهم. يقال: إنه استولى على خمسة وثلاثين ملكا.
ومن اليونان: الحكماء المشهورون، مثل أرسطو وهو معلم الإسكندر. وكان مسكنه، مدينة أثنيا وهو كبير حكماء الخليقة، من غير منازع. أخذ الحكمة عن، أفلاطون اليونان كان يعلم الحكمة، وهو ماش، تحت الرواق المظلل له، من حر الشمس، فسمى تلاميذه بالمشائين، وأخذ أفلاطون، عن سقراط ويعرف بسقراط الدن بسكناه في دن من الطين اتخذه. وقتله قومه، لما نهاهم، عن عبادة الأوثان. وكان هو أخذ الحكمة، عن فيثاغورس منهم. ويقال: إن فيثاغورس، أخذ عن تاليس حكيم ملطية وأخذ تاليس عن لقمان الحكيم المشهور.
ومن حكماء اليونان، ذي مقراطيس، وأنكساغورس وأرسطو، هو الذي ترجم كتب هرمس المثلث بالنعمة. وأخرجها من اللسان المصري، إلى اليوناني. وشرح ما فيها، من العلوم والحكمة والطلسمات. وكتاب الأطماطيس يحتوي على فتح المدن والحصون، بالطلسمات والحكم!! ومنها، طلسمات لإنزال المطر، وجلب المياه، وكتاب الأشطيرطاش في الاختبار، على سير القمر في المنازل، والاتصالات. وكتب أخرى، في منافع، وخواص، لأعضاء الحيوانات، والأحجار، والأشجار، والحشائش...، ومنهم بندقليس وكان في عمر داود النبي وكان علماء اليونان، يسمون: فلاسفة إلهيين ومعنى فلا بلغتهم، الحب. وسوف العلم فمعنى فيلسوف محب العلم. ولهم تصانيف، أنواع العلوم. فهم أرفع الناس منزلة، لما ظهر منهم من الاعتناء الصحيح، بفنون الحكمة، من العلوم الرياضية، والمنطقية، والمعارف الطبيعية. وجميع العلوم العقلية، مأخوذة عنهم. وهم الذين أسسوها. وفي دولة فيلادلفوس أي محب أخيه كانت ترجمة التوراة، وكتب الأنبياء، من العبرانية إلى اليونانية. ولغة الأقدمين من اليونان، تسمى الإغريقية وهي من أوسع اللغات. ولغات المتأخرين، تسمى اللطينى، لأن اليونان، فرقتان: اللطينيون والإغريقيون.
وأما الروم، وهو الكيتم اللطينيون، فهم إخوان يونان. ونسبهم إلى: يافث بن علجان بن نوح. وبلادهم، بالناحية الغربية من خليج القسطنطينية إلى بلاد الإفرنك. وملك هذه الأمة، قديم. وأول ملوكهم: القش بن شطرش بن أيوب. وذلك، في آخر الألف الرابع، من مبدأ الخليقة. ثم اتصل الملك لابنه، ولحافديه: روملوس وأملش. وهما اللذان اختطا مدينة رومة. وذلك، لأربعة آلاف وخمسمائة، من مبدأ الخليقة. وسميت باسم بانيها، وسمي أهلها: الروم.
Página 30