على أنه لا أحق من أبي الحسن هذا بذلك المنصب، فقدمه لذلك، وإياه عندي عن عماد الدين الأصبهاني ابن إله كاتب السلطان صلاح الدين - رحمهما الله - بقوله في كتابه: " الفتح القسي في الفتح القدسي " (١): ورتب السلطان في قبة الصخرة إمامً من أحسن القراء تلاوة، وأزينهم طلاوة، وأنداهم صوتًا، وأسماهم في الديانة صيتًا، وأعرفهم بالقراءات السبع بل العشر، وأطيبهم في العرف والنشر، وأغناه وأقناه، وأولاه لما ولاه، ووقف عليه دارًا وأرضًا وبستانًا، وأسدى إليه معروفًا وإحسانًا " وبقوله في كتاب " البرق الشامي ": " وأقام السلطان بها إمامًا حسن التلاوة، حافظًا للقرآن جامعًا في القراءة للعذوبة والحلاوة ".
واستمرت حالة كذلك معلوم الجلالة إلى أن توفي فكانت جنازته مشهودة لم يتخلف عنها كبير أحد، حتى أن النصارى الذين كانوا بالكنيسة [٩٥ظ] هنالك اتبعوا جنازته ورموا بعض ثيابهم على نعشه، واخذ بعضهم يتناول بعضا إياها ويمسحون بها على وجوههم تبركًا به، ﵁؛ وكانت وفاته [سنة خمس وستمائة] (٢) وقال ابن الابار انه عاد إلى الأندلس وان أخاه روى بها عنه وما أرى صحيحا، والله اعلم.
٦٢٨ - علي بن محمد بن علي بن الحسن بن أبي الحسين متوكل بن
(١) أنظر الفتح القسي: ٦٥ (ط. ليدن) .
(٢) بياض في الأصول وأثبتناه من الزيادات في هامش.