راسلت ابن الشمشقيق وأطمعته فى قتل نقفور وأقامته مقامه فى التدبير واستقر الأمر بينهما على أن صار هو وعشرة نفر من خواصه سرا إلى البلاط التي تنزلها هي ونقفور فأدخلته ليلا وكان نقفور يجلس أكثر الليل للنظر فى الأمور وقراءة السير ويبيت على باب البيت الذي يأوى إلى فراشه فيه خادمان، فلما حصل ابن الشمشقيق داخل البلاط هجموا على الموضع وقتلوا الخادمين وأفضوا إلى نقفور وقتلوه ووقعت الصيحة وظهرت القصة واستولى ابن الشمشقيق على [22] الأمر وقبض على لاون أخى نقفور وعلى ورد بن لاون [1] فأما لاون فإنه كحله وأما ورد فانه حمله إلى قلعة فى البحر واعتقله. وسار إلى أعمال الشام وفعل فيها الأفاعيل وانتهى إلى طرابلس فامتنع عليه أهلها فنزل عليهم ونازلهم. [2] فكان لأم الملكين أخ خصى وإليه وزارة الملك منذ أيام الملك أرمانوس واسمه بركموس [3] فقيل: إنه دس على ابن الشمشقيق سما فى طعام أو فى شراب فأحس به ابن الشمشقيق فى بدنه فسار عائدا إلى قسطنطينية وتوفى فى طريقه واستولى بركموس على الأمر.
وكان ورد بن منير [4] كبيرا من كبراء أصحاب الجيوش ومقيما فى بعض الأعمال فطمع فى الأمر وجمع الجموع واستجاش بالمسلمين من الثغور وكاتب أبا تغلب ابن حمدان وواصله وصاهره.
وأخرج الملكان اليه عسكرا بعد عسكر فكسرهم واستظهر وسار إلى القسطنطينية ودهم الملكين ما ضاقا به ذرعا فأطلقا ورديس بن لاون واصطنعاه واستحلفاه على المناصحة وأنفذاه للقاء ورد فى الجيوش الكثيرة وجرت بينهما وقائع أبلى كل واحد منهما بلاء ظاهرا حتى تبارزا وتضاربا باللتوت إلى أن وقعت خوذهما عن رؤوسهما.
ثم انهزم ورد ودخل إلى بلاد [23] الإسلام مفلولا وحصل بظاهر ميافارقين على نحو فرسخ منها- وأبو على الحسن بن على التميمي الحاجب إذ ذاك بها- وراسل عضد الدولة وأنفذ أخاه اليه فأحسن تقبله ووثق اليه بخطه وأعاده عليه بوعد جميل فى إنجاده.
Página 22