95

Condena de la pasión

ذم الهوى

Investigador

مصطفى عبد الواحد

وَكَذَلِكَ النَّظْرَةُ إِذَا أَثَّرَتْ فِي الْقَلْبِ فَإِنْ عَجِلَ الْحَازِمُ بِغَضِّهَا وَحَسِمَ الْمَادَةَ مِنْ أَوَّلِهَا سَهُلَ عِلاجُهُ وَإِنْ كَرَّرَ النَّظَرَ نَقَّبَ عَنْ مَحَاسِنِ الصُّورَةِ وَنَقَلَهَا إِلَى قَلْبٍ مُتَفَرِّغٍ فَنَقَشَهَا فِيهِ فَكُلَمَا تَوَاصَلَتِ النَّظَرَاتُ كَانَتْ كَالْمِيَاهِ تُسْقَى بِهَا الشَّجْرَةُ فَلا تَزَالُ تَنْمِي فَيَفْسِدُ الْقَلْبُ وَيُعْرِضُ عَنِ الْفِكْرِ فِيمَا أُمِرَ بِهِ وَيَخْرُجُ بِصَاحِبِهِ إِلَى الْمِحَنِ وَيُوجِبُ ارْتِكَابَ الْمَحْظُورَاتِ وَيُلْقِي فِي التَّلَفِ وَالسَّبَبُ فِي هَذَا الْهَلاكِ أَنَّ النَّاظِرَ أَوَّلَ نَظْرَةٍ الْتَذَّ بِهَا فَكَرَّرَهَا يَطْلُبُ الالْتِذَاذَ بِالنَّظَرِ مُسْتَهِينًا بِذَلِكَ فَأَعْقَبَهُ مَا اسْتَهَانَ بِهِ التَّلَفُ وَلَوْ أَنَّهُ غَضَّ عِنْدَ أَوَّلِ نَظْرَةٍ لَسَلِمَ فِي بَاقِي عُمْرِهِ فَصْلٌ وَقَدْ أَكْثَرَ الشُّعَرَاءُ فِي وَصْفِ الْبَلايَا الَّتِي حَلَّتْ بِالنَّاظِرِينَ فَقَالَ الْفَرَزْدَقُ تَزَوَّدَ مِنْهَا نَظْرَةً لَمْ تَدَعْ لَهُ ... فُؤَادًا وَلَمْ يَشْعُرْ بِمَا قَدْ تَزَوَّدَا فَلَمْ أَرَ مَقْتُولا وَلَمْ أَرَ قَاتِلا ... بِغَيْرِ سِلاحٍ مِثْلَهَا حِينَ أَقْصَدَا وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ صُوْلٍ الْكَاتِبُ مَنْ كَانَ يُؤْتَى مِنْ عَدُوٍّ وَحَاسِدٍ ... فَإِنِّي مِنْ عَيْنِي أُتِيتُ وَمِنْ قَلْبِي هُمَا اعْتَوَرَانِي نَظْرَةً ثُمَّ فِكْرَةً ... فَمَا أَبْقَيَا لِي مِنْ رُقَادٍ وَلا لُبِّ وَرَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ دُرَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمِّهِ قَالَ قَعَدْتُ إِلَى أَعْرَابِيٍّ

1 / 95